تزخر محافظة العُلا بالتكوينات الصخرية الفريدة، التي تعد من أبرز المظاهر الجيولوجية التي تميز المشهد الطبيعي الصحراوي للمحافظة، حيث تنتشر في أنحائها تشكيلات نادرة نحتتها عوامل التعرية الطبيعية عبر ملايين السنين، لتُشكل لوحات جمالية مفتوحة تعكس عراقة المنطقة وتنوع تضاريسها.
وأسهمت الرياح المحمّلة بالرمال، إلى جانب الأمطار والعواصف، في نحت الصخور الرملية وتحويلها إلى معالم طبيعية بديعة ذات طابع فني يعكس جماليات التكوين ودهر التحولات الجيولوجية، الأمر الذي يجعل من هذه التكوينات شواهد ماثلة على عظمة الطبيعة وقدرتها على تشكيل مفردات المشهد الجغرافي للعُلا.
ومن بين هذه التكوينات، تبرز فتحات صخرية نادرة أوجدتها التعرية في أحد النتوءات الرملية، مُشكّلة إطارًا طبيعيًا يطل على جبال العُلا ووديانها ونخيلها، في مشهد يأسر الناظر بجماله وتناسقه، وتتنوّع هذه التشكيلات بين الأقواس الصخرية، والفتحات الطبيعية، والجروف الناتئة، والتكوينات الرملية المتقنة، التي تجسّد روعة التكوين الجيولوجي وتفرد المشهد الطبيعي للمحافظة.
وتُعد هذه التكوينات إحدى الركائز الأساسية لمقومات السياحة البيئية في العُلا، حيث تشكل عامل جذب رئيس للزوار من مختلف دول العالم، وبخاصة المهتمين بالطبيعة، وصنّاع الأفلام، والفنانين، لما توفره من خلفيات تصوير طبيعية آسرة لا تحتاج إلى إضافات فنية أو مؤثرات رقمية.
وفي هذا السياق، تعمل الهيئة الملكية لمحافظة العُلا على إبراز هذه المعالم وتعزيز حضورها ضمن الوجهات السياحية العالمية، من خلال تطوير البنية التحتية، وتحسين الخدمات المقدمة للزوار، والحفاظ على البيئة الطبيعية المتفردة للموقع.
وفي إطار رؤيتها لتعزيز التكامل بين الفنون والطبيعة، تستضيف العُلا مهرجان “فنون العُلا” الذي يجمع نخبة من الفنانين السعوديين والدوليين في فعالية فنية تُقام في الهواء الطلق، وتستوحي مفرداتها من طبيعة المكان وتكويناته الصخرية وجمال بيئته الصحراوية، مما يجعل منه منصة للإبداع المفتوح ووجهة للفن والثقافة في قلب شبه الجزيرة العربية.
كما أطلقت الهيئة الملكية لمحافظة العُلا مشروع “وادي الفن”، الذي يهدف إلى تحويل التضاريس الطبيعية إلى معرض فني مفتوح للفنون المعاصرة، حيث تتناغم الأعمال الإبداعية لعدد من الفنانين العالميين مع الطابع الجيولوجي المحيط، في إطار يراعي التوازن البيئي ويحافظ على الهوية الجغرافية المميزة للمكان.