يأتي هذا المقال ضمن الرسائل الإدارية التي أدونها في تطوير أعمال مراكز الاتصال، ومن المواضيع المهمة التي تجدر الإشارة إليها مؤثرات في عمل مراكز الاتصال أو خدمة العملاء، فهي من الإجراءات التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار في عمل مراكز الاتصال الموحد call center أو خدمة العملاء customers service والعناية بها قدر المستطاع حتى يكون عمل المركز في المنظمة نموذجيا، ويقدم الخدمة بكل كفاءة مهنية عالية تحقق التطلعات وتلبي الاحتياجات المأمولة من إنشاء المركز، وتقوم بخدمة المستفيدين فلا بد من العناية بما يلي: –
1- من المؤثرات عدم وجود خطة عمل لمركز الاتصال، كما يعلم المختصون في عمل الإدارة أن في غياب الخطط التشغيلية في الأعمال الإدارية يعد العمل عملاً عشوائياً ارتجالياً وغير منظم فتكثر فيه الثغرات، وتقل فيه الإنجازات، ويغلب على طابعه المجاملات، أو تسوده المجازفات التي غالباً ما تأول به إلى المهالك والعثرات؛ فالخطط تحدد الرؤى، والأهداف، وتساهم في تحسين اتخاذ الإدارة للقرارات، وتكوّن ثقافةً تنظيميةً لدى العاملين، وتحقق الاستدامة، ومن خلالها تحدد المخاطر المحتملة، وترسم السيناريوهات، وتوضع الخطط البديلة، ويحدد الاحتياج الصحيح للموارد اللازمة.
ومن خلال ما تم استعراضه في هذا المختصر يصدق أن يقال إنّ التخطيط أساس من أسس النجاح في المنظمات بشكل عام، وفي مراكز الاتصال بوجه خاص.
2- ومن المؤثرات عدم وجود رؤية تطويرية من القيادة التشغيلية للمركز تواكب رؤية المنظمة، فإذا لم يكن لدى القيادة التشغيلية شغف العمل والحرص على التميز ووضع رؤى تطويرية للأعمال لتحقيق نجاحات مستمرة تساعد على تحديد الأهداف، وتطويرها، وتحسين الأداء، ومراقبة الجودة، وتكييف أعمال المركز مع المتغيرات والمستجدات، والسعي لذلك نظير ما تقوم به المراكز من دور حيوي هام، لتعزيز التواصل بين المنظمات وكافة شرائح المجتمع المستفيدين من الخدمات المقدمة، وفق أعلى المعايير الدولية المنظمة لهذه الأعمال والتي تسهم في تحقيق الأهداف بكفاءة عالية، وتضمن تقديم الخدمات بصورة إيجابية، وفي قالب احترافي، وفق رؤى متجددة، قابلة للتطبيق، تحاكي الابداع، وتضع المركز في القائمة المتميزة التي يرجى جنيّ ثمارها من إنشاء المركز في المنظمة.
3- ومن المؤثرات عدم ارتياح الموظفين في أعمالهم، من الأعمال المهمة في إدارة المراكز العناية الفائقة بأوقات العمل، وراحة الموظفين، والاهتمام بشؤونهم، والعناية بتكوين بيئة عمل جاذبة، تنعكس إيجابياً على زيادة الإنتاجية، وتحسين الأداء، وتعزيز الولاء والانتماء للمنظمة، ويكمن ذلك في أن تكون الإدارة التشغيلية مهتمة بالموظفين من عناية، وتدريب، واهتمام، وتوفير بيئة وظيفية إيجابية، تتسم بالتعاون، والاحترام، وتطوير مهاراتهم، وإكسابهم خبرات ومعارف جديدة، وإشراكهم في اتخاذ القرارات التي تصب في مصلحتهم لضمان تحقيق العدالة، وإشعارهم بالاهتمام، والسعي قدر الإمكان بتوفير بيئة تتوازن بين العمل والحياة الشخصية، قائمة على تقديم خيارات عمل مرنة لا تتعارض مع مصلحة العمل، وتلبي احتياجاتهم الشخصية، والعائلية، علاوة على ذلك الاهتمام الشديد من الإدارة التشغيلية بتشجيع المتميزين، وشكرهم، والحرص على ترقياتهم، وتقديم المزايا التشجيعية التي يقدمها النظام، أو تقرها سياسة المنظمة، وحاصل ذلك كله أن ناتج الاهتمام بالموظفين ينعكس على أدائهم لتقديم أفضل ما لديهم.
4- ومن المؤثرات عدم تأهيل المواطنين للعمل في المراكز، فتأهيل وتدريب الموظفين العاملين في مراكز الاتصال هو عملية حيوية تهدف إلى تعزيز كفاءاتهم، وزيادة مهاراتهم ليتم تحقيق المزيد من إنتاجياتهم، ويتحقق ذلك أولًا باختيار الموظفين بعناية وخصوصًا الذين يمتازون بالصفات الناجحة، التي يجب توفرها في موظفي مراكز الاتصال، ومن أبرزها الصبر والاتسام بالمرونة، وسرعة البديهة، والذكاء الاجتماعي، والإلمام بالمهام الوظيفية، ومعرفة الخدمات التي تقدمها المنظمة والمنتجات المقدمة، ومن أبرز الصفات الإصغاء الجيد للمتحدث والقدرة على التكيف دون الإسهاب في الحديث، والاستعداد للتطوير، والاستفادة من الوسائل الحديثة، وغيرها من الصفات الإيجابية التي يجب توفرها في موظفي المركز.
فبعد الاختيار الاهتمام بتحديد الاحتياج، وتقييم أدائهم والتحسين المستمر، والتدريب على رأس العمل، والتواصل المستمر، والتوجيه المثمر، والتقييم الدوري لأداء المركز ومنسوبيه، وتحديد أوجه القصور، ونقاط الضعف ومعالجتها، والنقاط الإيجابية وتعزيزها وتنميتها.
5- ومن المؤثرات عدم مواكبة التقنيات المستخدمة مع حجم المنظمة، فمن أبرز العوائق التي تواجه مراكز الاتصال هو عدم مواكبة التقنيات المستخدمة مع حجم المنظمة، أو عدم وجود بيئة تقنية متطورة أو ذات جودة عالية، وسالمة من الانقطاعات، فالعناية بالتقنية الحديثة الموثوقة تضمن تحقيق أفضل النتائج، وتهدف إلى الإسهام في نمو المنظمة، والارتقاء بمستوى رضا المستفيدين، لأن في استخدام تكنولوجيا متقدمة باعتبارها وسيلة ناجحة لأعمال مراكز الاتصال وذلك من خلال توفير أنظمة الرد الآلي، والدردشة التفاعلية، وأنظمة الاستجابة الصوتية التفاعلية ( IVR )، وتوفير وسائل تقنية متنوعة للتعامل مع المستفيدين تحقق الاستجابة السريعة والدقيقة، وتقلل الوقت، وتخفض التكاليف، وتحقق رضا المستفيدين.
6- ومن المؤثرات وجود فجوة بين الإدارات التشغيلية ومراكز الاتصال، ففي هذه الفقرة قد يستغرب القارئ الكريم وجود فجوة بين الإدارات التشغيلية ومركز الاتصال الموحد، رغم ارتباطهما بمنظمة واحدة، ويرتبطان بإدارة تشريعية واحدة، وفي هذه الإلماحة أسلط الضوء على عدد من الإشكاليات التي تكوّن فجوة يصعب معها تحقيق الهدف المنشود من مركز الاتصال، أو تلبية رغبات المستفيدين، ومن أبرز هذه الإشكاليات فقدان التواصل وانقطاعه، أو عدم وجود ربط تقني بين المركز والإدارات المعنية، وكذلك عدم فهم المهام أو الإجراءات، ومن الإشكاليات عدم وجود رؤية واضحة تتبناها المنظمة وتسعى إلى تحقيقها، أو تضارب المصالح بين الإدارات والمركز، أو العمل وفق العلاقات الشخصية.
وفي هذه الحالة من حالات تأثر عمل مركز الاتصال لابد من استخدام نموذج تحليل الفجوة لتحديد مكمنّ القصوّر، ومعرفة الفجوات بين مستوى الأداء الحالي والمستوى المأمول الوصول إليه لتحقيقه، وتحليل الأسباب، ورسم الخطط، ومن خلال هذه الطريقة يمكن تحديد الإجراءات اللازمة لتحسين أداء المركز، وسد هذه الفجوات لتحقيق الأهداف بشكل يلبي الاحتياجات، ويحقق التطلعات.
7- ومن المؤثرات وجود التكاليف المالية العالية لتشغيل مراكز الاتصال، وفي هذا المؤثر فإنه لا يعتمد تطبيق أفضل الممارسات العالمية أو الإجراءات التشغيلية لمراكز الاتصال على حجم المصروفات، وارتفاع التكاليف المالية لتشغيلها، بل بتوفير أفضل الممارسات، وتطبيق التكنولوجيا المتقدمة، التي تستخدم التخزين السحابي، نظير ما تقدمه من فوائد متعددة، منها تقليل التكاليف، وزيادة الأمان، وسهولة الوصول للبيانات، وزيادة المرونة التي يمكن لها التوسع، وتحسين الإنتاجية، والوصول إلى أحدث التقنيات المستخدمة أو المتجددة، دون الحاجة إلى زيادة تكاليف في البيئة التحتية، فتوفير الحوسبة السحابية يقلل التكاليف المالية مقارنة بالاعتماد على البيئة التقليدية التي تعتمد على شراء الخوادم، والأجهزة التي تحتاج إلى صيانة دورية ذات تكاليف تشغيلية مرتفعة.
ومن فوائد تطبيق التكنولوجيا السحابية تحسين استمرارية الأعمال، وتقليل المخاطر المحتملة، والتعافي من الكوارث، واستعادة البيانات بسهولة، ومن الفوائد إدارة الوقت بكفاءة عالية، لما توفره التقنيات الحديثة من سهولة في الإجراءات، وبساطة في الحصول على المعلومات، التي ينتج من خلالها إنجاز الكثير من المهام في وقت قصير.
لعل ما تمت الإشارة اليه إلماحة موجزة عن بعض المؤثرات في عمل مراكز الاتصال أو خدمة العملاء، ولا بد من العناية بتحسين أعمال المراكز، وتبني استراتيجيات مبتكرة، واستخدام تكنولوجيا متقدمة توفر بيئة عمل داعمة لتنفيذ العمليات في المنظمة، وضامنة لتلبية رغبات المستفيدين من خدمات المنظمة.
أتمنى أن أكون تطرقت إلى العديد من أبرز المؤثرات في أعمال هذه المراكز المهمة في المنظمات.
الكاتب الإعلامي والمستشار الإداري
عبدالرحمن بن عبيد السدر