قال الدكتور خالد حنفي نائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء إنه لا توجد مؤسسات أو مراكز بحثية محايدة تناولت انتشار الإسلام في الغرب، مشيرا إلى أن البعض يبالغ بالأرقام وهو ما تتخذه الأحزاب اليمينية ذريعة للحشد لها وتستثمرها في خطاب شعبوي يزعم أن الوجود الإسلامي يهدف لأسلمة القارة العجوز وتغيير هويتها المسيحية.
جاء ذلك في الحلقة الـ12 من برنامج “الشريعة والحياة في رمضان” والتي تناولت القرآن العظيم كمدخل للتعريف بالإسلام خاصة في بلاد الغرب.
ويلفت حنفي -وهو أيضا رئيس لجنة الفتوى في ألمانيا- إلى أن هناك إقبالا على الإسلام لا تخطئه العين، وارتفاعا في حالات الذين يعتنقون الإسلام، مؤكدا أنه إقبال متزايد وملحوظ ويضع الجميع أمام تحديات.
ويعدد أسباب الإقبال على الإسلام، من بينها جائحة كورونا، وزلزال تركيا وسوريا، وأحداث غزة الحالية، والتحولات التي تحدث بالغرب ضد نظام الأسرة بإقرار قوانين تعارض العلاقة الطبيعية الفطرية بين الرجل والمرأة.
ويضيف قائلا “كل هذه الأسباب ضاعفت من شعور الشخص الغربي بالجوع الروحي والجوع الاجتماعي، لذلك تحرك الناس للبحث عما يملأ هذا الجوع”.
وحول ما يثار بأن الوجود الإسلامي بالغرب يهدف لأسلمة أوروبا، يوضح حنفي أنه ليس من ضرورة ظهور الإسلام ظهور المسلمين، لكن نور الإسلام سيصل لكل مكان على هذه الأرض.
ويشدد على أن الأولوية الدعوية للمسلمين في الغرب يجب أن تتجه لأولادهم والأجيال الجديدة التي تبتعد عن الإسلام، مضيفا “كلما تمسك المسلمون بالإسلام وفهموه وعاشوه وجسدوه أمكنهم أن يوصلوا رسالة الإسلام بصورة آمنة سلسلة حضارية لا صدام فيها إلى المجتمع”.
العربية في الغرب
وتطرق الدكتور حنفي إلى إشكالية اللغة العربية عند الجيل الثاني والثالث والرابع من أبناء المسلمين في الغرب، وقال إن هذه من أكبر التحديات في العلاقة مع القرآن بالنسبة لأجيال المسلمين من أصول عربية ولدوا في الغرب.
ويوضح أنه “إذا ضعفت معرفة اللغة العربية، تتراجع العلاقة مع القرآن وفهم الإسلام”.
ولتجاوز هذه العقبة -يقول حنفي- لا بد من الاعتناء بالعربية ومراجعة واقعها مع هذه الأجيال، كما أشار إلى ضرورة قراءة القرآن وعرضه من خلال الإطار الموضوعي أو مفاتيح السور.
ويوضح هنا ضرورة تجاوز فكرة ترجمة المصطلح أو الكلمة أو الآية “وإنما تقديم القرآن في صورة الموضوعات، والتركيز على كتب قضايا القرآن وموضوعاته مثل كتاب المحاور الخمسة للقرآن الكريم للشيخ محمد الغزالي”.
القرآن معجزة خالدة
وأوضح حنفي أن القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى للنبي محمد ﷺ، بينما كل الأنبياء السابقين أيدوا بمعجزات حسية زمانية تاريخية تنتهي بانتهاء الحدث.
وأشار إلى أن القرآن تأثر به المشركون قبل الإسلام، كما أن 90% من الصحابة الذين اعتنقوا الإسلام كان تأثرهم بالقرآن منطقيا لأنهم عرب أقحاح يفهمون القرآن ويعرفون لغة العرب.
لكن العجيب الذي يؤكد سحر القرآن وأنه معجزة خالدة باقية إلى قيام الساعة -وفق حنفي- هو تأثر الكفار وغير المسلمين بالغرب بالقرآن كما تأثر به من سبق من غير المسلمين، مستدلا بوقائع تأثر بها غير المسلمين بالقرآن وتجاوبوا معه وقادتهم للتفكير بالإسلام وتغيير النظرة حوله، ثم اعتناقه.
وتحدث عن إعجاز القرآن واستمرار سحره في المسابقات الدولية “كمن يأتي لا يعرف حرفا من العربية ويحفظ القرآن كاملا ويتلوه بصوت جميل” مبينا أن الأوروبيين يندهشون من القرآن، ويقولون إنه يحمل مفتاح التقدم والتحضر والأمة التي تنتسب إليه يجب أن تكون بصدارة الأمم.
ويؤكد حنفي أن طبيعة الغرب والعناد الفكري من المعوقات التي تحول بين غير المسلمين والقرآن، بسبب التدافع الطبيعي من أتباع أي دين أو أمة أو حضارة.
كما أن المسلمين يمكن أن يكونوا عائقا عن الإسلام بسبب عدم تجسيد الإسلام في سلوكهم أو تعاملاتهم أو الصورة العامة للمسلمين حول العالم، فضلا عن أن الحكومات والأنظمة يمكن أن تكون عائقا وقد تتخذ سلوكا يضر بالإسلام بدلا من تأييده.