في قلب القصيم، ينهض مركز الهلالية شامخًا كواحد من أعرق الشواهد على الذاكرة السعودية المتجذرة في التاريخ والحضارة.
ليس مجرد بلدة تزهو بمزارعها وواحاتها، بل لوحة تراثية متكاملة، جمعت بين عبق الماضي ورؤية الحاضر، لتتحول إلى مسرح يحتضن احتفالية اليوم الوطني الـ95 للمملكة، حيث يلتقي التراث بالنهضة، والماضي المجيد بالحاضر الزاهر.
الهلالية.. واحة التاريخ وذاكرة الدعوة
ومنذ نشأتها في أواخر القرن العاشر الهجري على يد حجاج آل أبو غنام وأبنائه، حملت الهلالية في ثناياها هوية المكان وروح المؤسس، فكانت أرضها روضة خصيبة وموردًا للحياة، أحاطت بها رمال النفود من الجنوب والشرق على شكل هلال، وكأن الطبيعة نفسها خطت لها اسمها وهويتها.
في قلب البلدة، بُني مسجدها الجامع الذي ارتبط اسمه بتاريخ الدعوة والإصلاح، إذ وطأت رحابه قدما الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-، فدرّس ووعظ وأرشد، ليبقى المسجد شاهدًا على تلاقي الفكر والدين مع عمران المكان.
سور وأبراج.. حكايات الحماية والهوية
الهلالية لم تكن مجرد أرض خضراء، بل حصنًا منيعًا له سور يطوّق البلدة، وثلاثة أبراج شامخة ترصد القادم والغريب. كانت الأبراج رمزًا للانتباه واليقظة، فيما بقيت بعض آثارها حتى اليوم شاهدة على صلابة الأجداد وحسن تدبيرهم.
هذا البعد الدفاعي لم ينتقص من جمال الهلالية، بل زادها مهابة، فأصبحت البلدة أشبه بقلعةٍ تحتضن الحياة بداخلها وتحميها من تقلبات الخارج.
مناخ معتدل.. وواحات خضراء
وما يميز الهلالية عن سائر بلدات نجد أن صيفها أقل قسوة، إذ تتولى المزارع والبساتين تلطيف هوائها، فينعم أهلها وزوارها بظل وارِف ورطوبة معتدلة، بينما تجود عليها السماء شتاءً بأمطار تعيد للنخيل والزرع حياةً جديدة. هذا المناخ جعلها مقصدًا ومحبوبة، وميدانًا خصبًا لتلاقي القوافل والرحّالة.
اليوم الوطني.. احتفال يليق بالمكان والمناسبة
لم يكن اختيار الهلالية لاستضافة احتفالية اليوم الوطني الـ95 اختيارًا عابرًا؛ فالبلدة تحمل في روحها رمزية وطنية عميقة. في القرية الشعبية اجتمع الأهالي والزوار، في مشهد يُعيد إلى الأذهان صورة الأسواق القديمة والمجالس العامرة، حيث اجتمعت العرضة السعودية بالأهازيج الوطنية، وتعانقت أصوات الأطفال مع وقع الطبول وأناشيد الفرح.
الأسر المنتجة قدّمت إرثها في أطباق وأشغال يدوية تنبض بأصالة المكان، فيما ازدانت الأركان التوعوية بالعلم والمعرفة، ليكون الاحتفال انعكاسًا لجوهر اليوم الوطني: تاريخ يروى، وحاضر يُبنى، ومستقبل يزهو.
الهلالية والهوية السعودية
الهلالية ليست مجرد بقعة جغرافية، بل نموذج مصغّر للهوية السعودية؛ فهي تجمع بين التاريخ المرتبط بالدولة السعودية الأولى، والحضارة التي أنبتتها الأرض الطيبة، والولاء الذي يحمله أهلها للقيادة والوطن.
أسباب اجتمعت فجعلت من احتفالية اليوم الوطني في الهلالية أشبه كقصيدة شعرية، أبياتها من نخيلها، وقوافيها من حجارتها الطينية، ونبرتها من حكايات أجيال سكنت بين أبراجها وأسوارها.
رمزية متجددة
وحينما أضاءت أنوار القرية التراثية في الهلالية بمناسبة اليوم الوطني، بدا المكان وكأنه يروي للأجيال الحاضرة كيف صمدت البلدة عبر القرون، وكيف كانت جزءًا من قصة وطن أكبر اسمه المملكة.
إن اختيار الهلالية رسالة بليغة: أن اليوم الوطني ليس مجرد احتفال بالعاصمة والمدن الكبرى، بل هو احتفاء بكل قرية وبلدة أسهمت في رسم لوحة الوطن، مهما كانت صغيرة في حجمها، كبيرة في رمزيتها.
فالهلالية اليوم ليست فقط مركزًا في القصيم، بل رمزًا وطنيًا يلخص معاني التلاحم بين الأرض والإنسان، بين التاريخ والحاضر.
وفي اليوم الوطني الـ95، تنبض الهلالية كقلب صغير في جسد الوطن الكبير، تذكّر المواطنين بأن كل حجر، وكل نخلة، وكل مسجد قديم هو جزء من رواية ممتدة، رواية عنوانها: المملكة وطن شامخ، حاضر يزهو، ومستقبل يضيء كالهلال في سماء القصيم.
أسباب جعلت من الهلالية الموقع الأنسب، لشركة العواد للإستثمارات، لتنظيم احتفال اليوم الوطني الـ95، مساء اليوم الثلاثاء، بالتعاون مع لجنة التنمية الاجتماعية.
احتفال قال عنه رئيس مجلس إدارة شركة العواد للإستثمارات عبدالله بن إبراهيم العواد، إنه جاء ليليق بمكانة الهلالية كرمز تاريخي، والتي تناغمت مع أبهة المناسبة العزيزة على قلب كل مواطن ومقيم بالمملكة.
وهنأ العواد، القيادة بهذه المناسبة الغالية، قائلاً: أتقدم بخالص التهاني وأصدق التبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- وللشعب السعودي.
مناسبة تحل بينما، رسخت المملكة حضورها الدولي في مختلف المجالات، لتصبح نموذجًا رائدًا في النهضة الاقتصادية، والاجتماعية، والابتكارات التنموية، يضيف العواد، مشيرًا إلى النهضة الشاملة والطفرة الاستثنائية التي تعيشها المملكة، في جودة الحياة، ومشاريع البنية التحتية، وتعزيز المكانة الدولية للمملكة، التي لا تعرف حدودًا لطموحها نحو مستقبل يليق بمكانتها وريادتها.
ويضيف العواد: بخطى واثقة على درب التنمية المستدامة، تمضي المملكة، في كتابة فصول فريدة من مسيرة البناء والتنمية، مدفوعة برؤية وطنية طموحة أرسى دعائمها القيادة، وبهمة لا تنكسر مثل جبل طويق.
وفيما أشاد بالدعم اللامحدود من القيادة، مما دفع بالمملكة إلى مصاف الدول المتقدمة في شتى المجالات، اختتم كلمته سائلاً الله -عز وجل- أن يديم على المملكة نعمة الأمن والاستقرار والرخاء، وأن يجعلها منارة وقبلة للعالمين، بقيادتها الحكيمة، وبرؤيتها الثاقبة، وبعزمها الذي لا يلين.





