في أروقة الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية “بنان” الذي تنظمه هيئة التراث، يبرز ركن يحمل علم جورجيا ويلفت أنظار الزوار بما يحتويه من قطع خزفية نابضة بالروح الجورجية. هناك تقف الحرفية تيونا غورغياسفيلي، صاحبة مشروع “تيو سيرامكس”، ممثلةً بلادها بثقة وحماس، حاملةً معها إرثًا فنيًا طويلًا يرتبط بعلاقة الإنسان بالطين وشغفه بالتشكيل.
تقول “تيونا” إن مشاركتها في “بنان” تمثّل فرصة استثنائية لتعريف الجمهور السعودي والعالمي بالثقافة الجورجية، مؤكدةً أنها تشعر بامتنان كبير لوجودها ضمن هذا الحدث الضخم الذي يجمع بين براعة الحرفيين وتنوّع الثقافات، وأن المعرض أتاح لها عرض قطعها الخزفية داخل ركن خاص تتصدره الهوية الجورجية.
ورغم أن مجال عملها الأساسي بعيد تمامًا عن الحرف اليدوية، فإن “تيونا” بدأت رحلتها مع الفخار من باب البحث عن الراحة الذهنية بعد ضغط العمل اليومي، ومع مرور الوقت تحوّل هذا الشغف إلى مشروع متكامل تعمل عليه وحدها؛ تصمّم القطع وتنفذها وتشكّلها حتى باتت أعمالها تُعرض في معارض دولية عدة، مبينةً أن الفخار ليس مجرد حرفة، بل مساحة تمنحها التوازن والطاقة.
وتشير إلى أنها قبل المشاركة في “بنان” حرصت على دراسة جانب من الثقافة السعودية، خصوصًا أن كل دولة تشارك تسعى إلى عكس جزء من هويتها في أعمالها الفنية، ومن هنا جاء قرارها بإحضار قوالب الحلويات الجورجية التقليدية، حيث وجدت تشابهًا جميلًا بينها وبين ثقافة “المعمول” في المملكة، موضحةً أن الزوار أُعجبوا بهذه القطع التي حملت مزيجًا من الرموز الجورجية وروح الضيافة المشتركة بين الشعبين.
ولفتت “تيونا” النظر إلى أن عملها في الفخار يعتمد على حالتها الذهنية وعلى طبيعة الفعالية التي تستعد لها، مؤكدةً أنها تبذل جهدًا كبيرًا في اختيار كل قطعة بعناية، وأن إعداد الأعمال يستغرق وقتًا يختلف من عمل إلى آخر، إلا أنها تعتبر هذا الجهد جزءًا من جمال الحرفة، واصفةً مشاركتها في “الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية – بنان” بالتجربة الأولى في المملكة، لكنها تتمنى ألا تكون الأخيرة، بعدما وجدت أن الحدث يمثل منصة ثقافية كبرى تجمع الحرفيين من مختلف أنحاء العالم وتفسح المجال للتبادل والتعرّف إلى تقاليد جديدة.
وتؤكد أن الركن المُخصص لها، شكّل نقطة بداية مهمة لعلاقة جديدة بينها وبين الجمهور السعودي، إذ استقبلت العديد من الزوار الذين أبدوا اهتمامًا بالتعرف على تاريخ الخزف في جورجيا وطريقة عملها الفريدة.
وتختم بتأكيدها أن الفعاليات الدولية التي تشجع على الاحتفاء بالحرف اليدوية تمنح الصناعات التقليدية فرصة للتجدد والاستمرار، مشيرةً إلى أن مشاركتها في هذا الحدث السعودي أضافت لها تجربة إنسانية وفنية ستظل حاضرةً في مسيرتها.

