وكشف تحقيق لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، نشر الإثنين، أن أطباء وباحثين لاحظوا وجود صلة بين التعرض للهواء الملوث داخل مقصورات الطائرات وأمراض مميتة، كما عرض قصص عائلات وسرد عدة حوادث.
ووجد التحقيق عشرات الحالات التي أبلغ فيها أفراد طاقم الطيران عن أعراض عصبية، وقلبية، ونفسية مفاجئة بعد التعرض لأدخنة وصفت رائحتها بأنها تشبه رائحة “الجوارب المتسخة” أو الزيت المحترق.
وقالت عائلات الضحايا إن التعرض للأدخنة الناجمة عن تسرب زيت المحرك الساخن أو سوائل أخرى إلى نظام تزويد الهواء تسبب في إصابة أو وفاة طيارين ومضيفين كانوا يتمتعون بصحة جيدة.
ولكن شركات الطيران نفت وجود علاقة سببية مباشرة، مؤكدة أن هواء مقصورات الطيران آمن ويلبي المعايير الصحية.
ورفعت العائلات عدة دعاوى قضائية ضد الشركات، مستندة إلى تشريحات الجثث، والسجلات الطبية، ودراسات الوفيات، بحجة أن الهواء السام كان سببا في التدهور الصحي الذي أصاب ذويهم.
ومن أكثر الحالات لفتا للانتباه قضية رون وايلاند، طيار في الخطوط الجوية الأميركية يبلغ من العمر 54 عاما، وصف بأنه كان لائقا بدنيا ويتمتع بصحة جيدة قبل تدهور حالته، لكن زوجته لاحظت عام 2016 أنه يخطئ في ضربات التنس السهلة ويتلعثم في كلامه.
وسرعان ما أصبح عاجزا عن إلقاء إعلانات الركاب الروتينية، ما أنهى مسيرته المهنية في الطيران بشكل مفاجئ.
وفي عام 2017 شخص وايلاند بمرض التصلب الجانبي الضموري، وهو الشكل الأكثر شيوعا من أمراض العصبون الحركي، وتوفي بعد أقل من عامين.
وتعتقد عائلته أن الهواء السام في مقصورة الطائرات كان الشرارة التي أطلقت مرضه.
ونفت شركات الطيران هذه المزاعم، لكنها توصلت إلى تسوية في القضية عام 2022 مقابل مبلغ لم يكشف عن قيمته.
وعرض التحقيق حالة الطيار جيمس أندربيرغ، الذي تعرض لأدخنة على متن طائرة إيرباص عام 2015، وبعد أعراض شملت القيء، والرعشة، والإسهال، توفي إثر نوبة قلبية بعد 50 يوما من تعرضه للأدخنة.
وكشف تشريح الجثة عن التهاب في القلب ومستويات مرتفعة من المسكنات، ولم يحدد الطبيب الشرعي سبب الوفاة.
وأوضحت دراسة وردت في التحقيق نمطا من الإصابات القلبية ناتجا عن مواد كيميائية موجودة في زيت المحركات المحترق، وقيل إن هذا النمط يتطابق بشكل وثيق مع نتائج تشريح جثة أندربيرغ.
كما تناول التحقيق وفاة مضيف الطيران في الخطوط الجوية البريطانية، ماثيو باس، 34 عاما، وتعتقد عائلته أن الأدخنة ساهمت في وفاته المفاجئة بسبب مرض القلب.
وسلط التحقيق الضوء أيضا على مزاعم بوجود صلة بين التعرض للهواء السام والانتحار والاكتئاب.
وقال أحد طياري شركة “جيت بلو” إنه لاحظ أن زملاءه بدأوا في الانتحار خلال الفترة ذاتها التي زادت فيها رائحة الأدخنة السامة.
لكن شركات تصنيع، كابوينغ، وإيرباص، تؤكدان أن تصميم طائراتهما يوفر هواء آمنا داخل المقصورة، كما تجدد شركات الطيران تأكيدها أنها لا تشغل طائرات قد تشكل خطرًا صحيًا على الركاب أو الطاقم.

