“الغاوي”.. كيف يصنع مخرج مبدع نجومية أبطال مسلسلاته؟

ينتمي المخرج ماندو العدل لأسرة فنية مخضرمة، بين مؤلف ومنتج وفنان، ورغم أن الاتهامات لاحقته في بداياته بأن عمله في المجال من باب الإكرام لعائلته، فإنه نجح في إثبات جدارته بعمل بعد آخر. هذا النجاح لم يتحقق فقط جراء تقديمه أعمالا درامية على مستوى احترافي، بل لقدرته على تغيير جلد أبطاله وتقديمهم في ثوب لا يتوقعه أحد، وهو ما جرى مع كثيرين، لكن أبرزهم نجوم الكوميديا الذين قدموا على يده أدوارا شديدة الملحمية.

ومع بدء النصف الثاني من رمضان، أطل علينا ماندو بمسلسل “الغاوي” لأحمد مكي، وهو عمل درامي شعبي يبتعد به مكي عن شبح “الكبير أوي” و”جوني” و”حزلقوم” الذين ظل ملازما لهم طوال 8 مواسم، الأمر الذي جعل “الغاوي” من بين أكثر المسلسلات المنتظرة هذا الموسم، فهل ينجح مكي في إرضاء الجمهور؟

“الغاوي”.. البحث في الدفاتر القديمة

باستثناء مسلسل “الاختيار 2” الذي صدر عام 2021، هذه إحدى المرات النادرة التي يقع اختيار مكي على عمل درامي، وليس كوميديا أو فانتازيا، إذ يُجسد شخصية ابن حي الجمالية المُغرم والشغوف بالحَمام وكل ما يتعلق به، والذي ظل لسنوات بين أحضان البلطجة قبل أن يبتعد عن كل الطرق الملتوية ويُقرر أن يسلك سلوكا حسنا ويكون خدوما لأهل منطقته.

بيد أن وفاة صديقه المقرب قهرا تُعيده مرة أخرى للطريق القديم، في محاولة منه لأخذ حقه ممن تسببوا في موته، لكن الأمور سرعان ما تتعقد وتتوالى الأحداث.

المسلسل قصة وفكرة أحمد مكي، وفي حقيقة الأمر يسهل اكتشاف ذلك حتى لو لم يُكتب التنويه بأول التتر (شارة البدء)، إذ إن تلك الأجواء تُشبه كثيرا ما يتبناه مكي في كثير من أغنياته وقصص الفيديو كليب مثل أغنية “أيام زمان” و”منطقتي”، حيث محاولاته الحثيثة لتقديم نموذج البطل الشعبي الإيجابي الذي يبدو عاديا من دون النطق بالأمثلة الشعبية واللازمات الكلامية أو أفعال البلطجة كما يظهر بالمسلسلات الأخرى، التي على رأسها أعمال المخرج محمد سامي ومسلسلات الفنان أحمد العوضي ومصطفى شعبان.

ورغم سعادة الجمهور بتلك الخطوة التي أقدم عليها مكي وظهوره في إطار درامي وحلقة أولى قوية في ظل لوحات فنية بديعة ومريحة بصريا، خاصة تلك التي كان الحمام جزءا منها، والموسيقى التصويرية التي تشق طريقها نحو شغاف القلب، فإن الجمهور مع عرض الحلقة الثانية والثالثة أعرب عن قلقه بعد ظهور مكي بتمثيل متواضع والاختيار غير الموفق لعائشة بن أحمد التي لا تبدو اختيارا أمثل للبطولة النسائية.

“بين السما والأرض”.. تحدٍ مزدوج

أدوار مركبة وغير متوقعة شهدها عام 2021 من نجمي الكوميديا محمد ثروت ومحمود الليثي بمسلسل “بين السما والأرض” والسبب عيون ماندو العدل الثاقبة، إذ لعب الأول شخصية جلال أبو الوفا، المهندس الذكي إلى حد العبقرية إلا أن وقوع الظلم عليه جعله يتحول إلى رجل أصابته الدنيا بمرارة لاذعة أعيته وأفقدته عقله، وهو ما لم يكن له أي علاقة بشخصية المجنون التي لعبها الفنان عبد المنعم إبراهيم بالفيلم الذي حمل الاسم نفسه.

ووفقا لتصريحات ماندو، فإن الدور كان يعد تحديا صارخا، إلا أن ثروت أخذ الأمور بجدية وأجاد الدور الذي حظي على عدة مشاهد رئيسية “ماستر سين” راقت الجمهور والنقاد، أما ثروت فأعرب عن امتنانه لماندو باعتباره أول مخرج يثق بموهبته ويقدمه من خلال عمل درامي كهذا.

الفنان محمود الليثي هو الآخر قام بتغيير جلده تماما، وقدم شخصية رجل تنقّل بين جنبات حب الفن الشديد، تحديدا الغناء والتشدد الديني، والسبب علاقته المعقدة بزوجته التي لم يُشبع لديها حبها الجارف للحياة والشهرة، وهو الدور الذي جعل كثيرين يُعيدون النظر بحجم وأبعاد موهبة الليثي.

مسلسل “بين السما والأرض” عمل درامي من 15 حلقة وهو معالجة معاصرة لقصة بالاسم نفسه للكاتب نجيب محفوظ، العمل سيناريو إسلام حافظ، وبطولة كل من هاني سلامة، ودرة، وأحمد بدير، وسوسن بدر، ونجلاء بدر، ومحمد ثروت، ومحمود الليثي، ومحمد لطفي، وندى موسى، ويسرا اللوزي، ونورهان، وهو معالجة معاصرة لقصة نجيب محفوظ.

“فاتن أمل حربي”.. الرجل الذي كرهه الجمهور

بالرغم من أنه لا يمكن وصف النجم شريف سلامة بالممثل الكوميدي، فإنه لطالما لعب الأدوار الخفيفة، سواء في أعمال رومانسية أو كوميديا خفيفة، لهذا لم يتوقع أحد أن يسند إليه ماندو دور سيف الدندراوي بمسلسل “فاتن أمل حربي” وشخصية الزوج المتسلط شديد الغيرة الذي يعنف زوجته ويُذيقها الأمرين إلى أن تقرر الانفصال عنه، لتبدأ رحلة عصيبة تُزيدها قسوة ألاعيب طليقها والمكائد التي يدبرها لها بين حين وآخر.

ولفرط ما أجاد شريف سلامة دوره، كان محور حديث منصات التواصل الاجتماعي طوال رمضان 2022، في حين كره الجمهور الشخصية التي لعبها، ويمكن القول إن هذا الدور أعاده إلى الساحة الفنية وأتاح له الفرصة لتقديم أعمال جادة أو إثارة نفسية، مثل مسلسل “العودة” في 2023 ومسلسل “موعد مع الماضي” في 2024.

مسلسل “فاتن أمل حربي” مسلسل ميلودرامي يكشف أوجاع المطلقات وعوار قوانين الأحوال الشخصية، تأليف إبراهيم عيسى، وبطولة كل من نيللي كريم، وشريف سلامة، وهالة صدقي، ومحمد ثروت، ومحمد الشرنوبي.

عملة نادرة: التغريد خارج المألوف

بعد 9 سنوات من الغياب عن الدراما المصرية، عاد النجم أحمد عيد للشاشة، لكن ليس من خلال عمل كوميدي كما اعتدنا منه، بل بمسلسل درامي بحت هو “عملة نادرة” الذي تدور أحداثه في الصعيد ويحكي عن عائلتين لديهما نفوذ وثراء تتنافسان في ما بينهما، ويصل الصراع حد الدم والقتل.

قدم عيد شخصية الشرير ذي القلب الأسود، الأخ الظالم الذي يحسد شقيقه على كثير مما هو فيه، للدرجة التي تدفعه للتخلص منه ومحاولة الزواج من أرملته لوضع يده على التركة. وحسب تصريحاته ، أكد أن عودته للشاشة بعد غياب لا بد أن تكون بعمل غير متوقع ومختلف تماما عن كل ما قدمه بمشواره السابق، وما ضاعف التحدي أن العمل ناطق باللهجة الصعيدية.

وبسبب هذا الدور الاستثنائي، شارك عيد في 2024 ببطولتين لأعمال قوية هما مسلسل “الحشاشين” وفيلم “أهل الكهف”.

مسلسل “عملة نادرة” تأليف مدحت العدل، وبطولة نيللي كريم، وجمال سليمان، وكمال أبو رية، وأحمد عيد، وندى موسى، ومريم الخشت، ومحمد فهيم.