مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعراجي أكد أن الحكومة لن تسمح لأي طرف، صديقًا كان أم غير ذلك، بطرح فكرة حل الحشد الشعبي، مشددًا على أن الحشد جزء أساسي من المنظومة الأمنية العراقية، ومشيرًا إلى ضرورة تأجيل التصويت على القانون حتى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة لتسويقه داخليا وخارجيا.
أزمة داخلية محتملة؟
يرى الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية معن الجبوري، خلال حديثه إلى ستوديو وان مع فضيلة على سكاي نيوز عربية أن جدلية قانون الحشد الشعبي أثارت “اضطرابا كبيرا” داخل العراق، خاصة مع وجود قوى معارضة من المكونين السني والكردي، وحتى جزء من المكون الشيعي، في مواجهة القوى الحاكمة القريبة من إيران والتي تمتلك نفوذًا كبيرًا وفصائل مسلحة مدعومة إقليميا.
يؤكد الجبوري أن أي إقرار للقانون في الوقت الحالي قد يُنشئ قوة عسكرية موازية، أشبه بالحرس الثوري الإيراني، تمتلك ميزانية، قوة جوية، وأسلحة مستقلة، الأمر الذي يمكن أن يزعزع استقرار الأجهزة الأمنية ويخلق حالة من التوتر الداخلي.
وأشار إلى حوادث الاقتحامات الأخيرة، مثل اقتحام وزارة الزراعة في بغداد، كمؤشر على إمكانية تصاعد الاحتكاكات في حال المضي بالقانون.
وفقًا للجبوري، السياسة الأميركية تجاه العراق اليوم أكثر تشددا مقارنة بفترة إدارة بايدن، والتي أعطت إيران حرية واسعة في تصرفاتها الإقليمية. أما اليوم، مع بقاء ترامب في المشهد، فإن واشنطن تضغط بقوة على العراق للالتزام بالخطوط الأميركية، ما يجعل أي قانون يُعطي الحشد الشعبي استقلالا عسكريا وسياسيا يمثل مصدر توتر مباشر بين بغداد وواشنطن.
وأشار الجبوري إلى أن إيران، بعد فقدان أدواتها في الساحات الإقليمية المختلفة مثل سوريا وحزب الله والحوثيين، تعتبر العراق الحلقة الأضعف في معادلتها الإقليمية، ما يزيد من تعقيد الموقف ويجعل أي تحرك تجاه الحشد الشعبي حساسًا للغاية.
تأجيل القرار.. مرونة سياسية أم هروب إلى الأمام؟
تأجيل التصويت على قانون الحشد الشعبي إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية يعتبر بحسب الجبوري “هروبًا إلى الأمام” للحفاظ على ماء الوجه السياسي، والتهدئة مؤقتًا للقلق الداخلي والإقليمي والأميركي. لكنه يشدد على أن الضغط الأميركي واضح، وقد تمارس واشنطن “مطرقة غليظة” في هذا الملف لضمان عدم تحوله إلى أزمة كبرى.
ويضيف أن التأجيل يخلق ارتياحا نسبيا، لكنه لا يحل الجذور العميقة للمشكلة، إذ أن المشهد السياسي سيشهد تغييرات كبيرة بعد الانتخابات القادمة، سواء على مستوى الحكومة أو خارطة القوى السياسية، ما قد يعيد إحياء النقاش حول الحشد الشعبي لاحقا.
يبقى الحشد الشعبي حجر زاوية في النظام الأمني العراقي، لكنه أيضا نقطة حساسة في العلاقة بين بغداد وواشنطن، وبين الداخل العراقي والضغوط الإقليمية.
تأجيل التصويت على قانونه يمنح نفَسًا مؤقتًا للسياسة العراقية لتجاوز مرحلة حساسة، لكنه لا يزيل الضغوط الداخلية أو الدولية، ويترك الباب مفتوحًا لاحتمالات صدام مستقبلية إذا ما تم إقرار القانون بصيغته الحالية بعد الانتخابات.