الأربعاء _22 _أكتوبر _2025AH

فعلى الرغم من الضغوط الدولية والعربية المتزايدة لنزع سلاح الفصائل الموالية لإيران، إلا أن الواقع الميداني يشير إلى استمرار تمسك هذه الجماعات بسلاحها، ما يعمّق حالة الفوضى ويجعل الاستقرار هدفا مؤجلا.

من بيروت إلى غزة.. السلاح خارج سلطة الدولة

تتعدد ساحات النفوذ الإيراني في المنطقة، حيث يبرز حزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة والحوثيون في اليمن والميليشيات الشيعية في العراق كأذرع رئيسية لطهران. ورغم ما أُعلن من حملات عسكرية إسرائيلية أو ضغوط أميركية لنزع سلاح هذه الفصائل، فإن النتائج تبدو محدودة.

ففي غزة، ما زالت حماس تحتفظ – بحسب تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية – بمئات الصواريخ بعضها متوسطة المدى وقادرة على الوصول إلى وسط إسرائيل.

وفي لبنان، كشفت تقارير أن حزب الله أعاد بناء ترسانته الصاروخية وجنّد مقاتلين جدد، في وقت يحاول فيه الجيش اللبناني حصر السلاح بيد الدولة دون جدوى.

أما في العراق، فلا تزال واشنطن تضغط على بغداد لنزع سلاح الفصائل المدعومة من إيران التي “تقوّض سيادة العراق وتهدد حياة وأعمال الأميركيين والعراقيين”، بحسب تصريحات وزير الخارجية الأمريكي.

لكنّ ميليشيات الحشد الشعبي وعصائب أهل الحق وحركة النجباء ترفض التخلي عن أسلحتها، معتبرة أن ذلك مؤامرة لإضعاف محور المقاومة.

التنفيذ يصطدم بعوائق ضخمة

في حديثه لبرنامج التاسعة على قناة “سكاي نيوز عربية”، أكّد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خليل الحلو أن هناك بالفعل “قرارا أميركيا ودوليا مدعوما عربيا لنزع سلاح الميليشيات”، لكنه شدد على أن تنفيذ القرار يصطدم بعوائق سياسية وميدانية كبيرة.

وأوضح الحلو أن مفهوم “نزع السلاح” يجب أن يُفهم بدقة، قائلاً: “عندما نتحدث عن نزع السلاح، لا نقصد جمع الأسلحة الفردية المنتشرة بالملايين في بيوت الناس، بل المقصود الأسلحة الثقيلة كالصواريخ والمدافع والطائرات المسيّرة”.

وأضاف أن تفكيك الميليشيات لا يتم فقط عبر جمع الأسلحة، بل من خلال تسريح المقاتلين وتفكيك التنظيمات المسلحة، لأن “التنظيم المسلح حتى لو اقتصر سلاحه على الأسلحة الفردية يبقى عنصر عدم استقرار وقد يسيطر على مناطق بعيدة عن سلطة الدولة”.

إيران.. الحضور المستمر رغم التراجع

وحول كيفية استمرار إيران في تمويل وتسليح هذه الميليشيات رغم القيود، قال الحلو إن هناك مبالغة في بعض التقارير، موضحا أن “الحدود اللبنانية السورية اليوم مضبوطة أكثر بكثير من السابق، والبحر مراقب من قبل قوات اليونيفيل”، لكنه أشار إلى أن الميليشيات باتت قادرة على تصنيع بعض الأسلحة محليا والاعتماد على ذاتها، ما يجعل تفكيكها أكثر تعقيدا.

وأكد أن “كل الخيوط تلتقي في طهران”، موضحا أن إيران لا تزال تقدم دعما معنويا وسياسيا لحلفائها، وإن كان الدعم اللوجستي تراجع بسبب أزمتها الاقتصادية والعقوبات.

وقال: “من الصعب جدًا أن تنخرط هذه الميليشيات عقائديًا في العملية السياسية، لأنها تعتبر نفسها فوق الأحزاب الوطنية وتوالي إيران لا الدول التي تعمل فيها”.

خطر على تماسك المؤسسات العسكرية

رفض العميد الحلو بشكل قاطع فكرة دمج عناصر حزب الله أو غيره من الفصائل المسلحة في الجيش الوطني، معتبرا ذلك خطرا على تماسك المؤسسات العسكرية، وقال: “يستحيل مجرد التفكير بدمج عناصر حزب الله في الجيش اللبناني. الجيش له مناقبية وتاريخ وولاء للدستور، بينما عناصر الميليشيات ولاؤهم أيديولوجي لإيران. تجربة الحشد الشعبي في العراق أكبر دليل على فشل هذا النموذج”.

ويرأى الحلو أن اللبنانيين باتوا أكثر اقتناعا بضرورة نزع سلاح حزب الله، مؤكدا أن هذا المطلب “ليس استجابة لأميركا أو إسرائيل، بل نابع من إرادة داخلية لاستعادة الدولة”.

وقال في ختام المقابلة: “إذا لم يتحرك لبنان لتنفيذ خطوات عملية نحو نزع السلاح، ستعود الحرب سريعًا. ربما ليست حربًا برية، لكن حملة جوية مكثفة مثل ما حصل في إيران أمر وارد وبجدية”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version