وقال مصدر مسؤول في السلطة الفلسطينية إن “موقف السلطة واضح ويتمثل في أن يكون رئيس لجنة إدارة غزة وزيرا في الحكومة الفلسطينية”، كاشفاً أن “حماس نقضت التفاهمات السابقة بإصدار بيان مشترك مع الفصائل الأخرى عقب اجتماع القاهرة، وهو ما يعد انقلاباً على ما تم الاتفاق عليه سابقاً”.
انقسام المواقف حول اللجنة
في المقابل، نقلت هيئة البث الإسرائيلية أن السلطة وحماس وافقتا على ترؤس أمجد الشوا للجنة التكنوقراط، غير أن السلطة نفت ذلك جملة وتفصيلاً، مؤكدة أن أي اتفاق من هذا النوع يجب أن يخضع لمرجعية سياسية موحدة تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية.
هذا النفي الرسمي فتح باب التساؤلات حول انعكاسات غياب التوافق على مستقبل القطاع، خصوصاً في ظل تعقيدات ما بعد الحرب، والضغوط الإسرائيلية والأميركية بشأن من يدير غزة.
في حديثه لـ”سكاي نيوز عربية”، أوضح المستشار الدبلوماسي منير الجاغوب أن الخلاف الحالي “ليس على الأسماء بل على المبدأ السياسي والإداري الذي سيحكم إدارة القطاع”، مؤكداً أن أي فصل إداري عن السلطة يعني “تكريس الانقسام الفلسطيني”.
وقال الجاغوب:
كان هناك اتفاق عربي وإسلامي بأن تتكون اللجنة من 15 شخصية يقودها وزير في حكومة السلطة الفلسطينية، وهذا ما تم التوافق عليه في لقاء القاهرة بين نائب الرئيس الفلسطيني وخليل الحية ممثل حماس.
- ما تفعله إسرائيل اليوم هو محاولة للفصل الكامل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا هدف استراتيجي قديم تسعى لتكريسه عبر هذه الترتيبات.
- نحن نتحدث عن لجنة يجب أن تكون لها صلاحيات سياسية وإدارية، لا أن تتحول إلى هيئة إغاثية فقط دون اتصال مع منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية.
- الخطر يكمن في أن أي صيغة مؤقتة سرعان ما تتحول إلى دائمة، كما حدث مع اتفاق أوسلو، لذلك تصر السلطة على أن تكون اللجنة تابعة للحكومة الفلسطينية لضمان وحدة المرجعية والسيادة.
- القيادة الفلسطينية لا تعترض على شخصية أمجد الشوا، بل على فكرة أن اللجنة تعمل بمعزل عن الحكومة الشرعية، لأن ذلك يعيد فكرة الحكم المحلي أو العائلي التي تجاوزها الفلسطينيون منذ عقود.
حماس: نرفض الانقسام ونسعى للتوافق
من جانبه، شدد إبراهيم المدهون، مدير المؤسسة الفلسطينية للإعلام “فيميد”، في حديثه لـ”سكاي نيوز عربية”، على أن موقف حركة حماس “قائم على عدة محددات”، أبرزها تفادي العودة للحرب والتوصل إلى توافق وطني واسع حول مستقبل غزة.
وقال المدهون: “حماس لا تريد العودة إلى الحرب أو الظهور بمظهر من يعرقل التفاهمات، فهذه ليست حرباً عادية بل حرب إبادة، والحركة تعمل لتجنيب شعبنا تكرار المأساة”، مضيفا:
- الحركة لا تسعى للمشاركة في لجنة إدارة القطاع، بل تكتفي بدور المسهّل، التزاماً بما تم التوافق عليه في القاهرة وبكين وموسكو.
- اللجنة ليست من صنع الفصائل وحدها، بل جاءت ضمن خطة دولية بمشاركة وسطاء، والولايات المتحدة لها موقف أساسي في رسم شكلها النهائي.
- الفصائل لم تعترض على دور السلطة الفلسطينية، بل تطالب بمشاركتها، والحديث عن استبعادها غير دقيق.
- الأولوية الآن لوقف إطلاق النار وإغاثة المواطنين، وليس لخوض جدالات سياسية داخلية تزيد الانقسام.
مستقبل ضبابي للقطاع
تصريحات الجاغوب والمدهون تعكس الفجوة بين السلطة وحماس في تفسير طبيعة اللجنة المنتظرة، لكنها تكشف في الوقت ذاته توافقاً جزئياً على أن تكون هذه المرحلة انتقالية تنتهي إما بتشكيل حكومة توافق أو بإجراء انتخابات فلسطينية عامة، كما دعا القيادي في حماس خليل الحية.
ورغم أن بعض الأطراف الدولية تطرح أسماء تكنوقراط من المجتمع المدني لتولي إدارة القطاع، فإن السلطة تصر على أن أي لجنة من هذا النوع يجب أن تكون تابعة للحكومة الفلسطينية، لضمان وحدة القرار السياسي والإداري ومنع إعادة إنتاج الانقسام.
في ظل هذا المشهد، يبدو أن مستقبل غزة لا يزال رهينة التجاذبات السياسية بين السلطة وحماس، وسط ضغوط إقليمية ودولية لصياغة صيغة إدارة لا تنفصل عن المسار السياسي الفلسطيني العام، وتمنع في الوقت ذاته أي محاولة لإعادة فصل غزة عن الضفة الغربية.
