الجمعة _31 _أكتوبر _2025AH

ويرى دبلوماسيون ومحللون، في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن زيارة أفورقي جاءت في لحظة تشهد فيها القارة الإفريقية اضطرابات على جبهات عدة، تمتد من أزمات القرن الإفريقي إلى النزاعات الممتدة في السودان، ومن ثم تسعى القاهرة من خلال تنسيقها مع أسمرة إلى ترسيخ مقاربة أكثر فاعلية تجاه ملفات الأمن الإقليمي.

ماذا حدث في لقاء السيسي وأفورقي؟

استقبل الرئيس المصري عبد ، نظيره الإريتري، حيث  السيسي أكد اعتزاز مصر بالعلاقات الاستراتيجية الراسخة التي تجمعهما، وحرصها على تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية والاستثمارية.

ووفق الرئاسة المصرية، شهد اللقاء تبادلا معمقا للرؤى حول تطورات الأوضاع الإقليمية، حيث أكد الرئيس السيسي التزام مصر الثابت بدعم سيادة إريتريا وسلامة أراضيها.

وكان الملف الأول على طاولة اللقاء، الأوضاع في منطقة القرن الإفريقي، حيث أكد الرئيسان على توافق الرؤى بين البلدين بشأن سبل إنهاء الحرب في السودان، مشددين في هذا السياق على ضرورة دعم مؤسسات الدولة الوطنية، وفي مقدمتها القوات المسلحة السودانية، ورفض أي محاولات لإنشاء كيانات موازية.

وفي هذا الإطار، أشار السيسي إلى الجهود التي تبذلها مصر في إطار الآلية الرباعية، سعيا لإنهاء الحرب ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب السوداني الشقيق، والتزام مصر بالعمل مع الشركاء لضمان وحدة السودان وسلامة أراضيه والحفاظ على سيادته الوطنية.

وكانت الأوضاع في الصومال حاضرة كذلك خلال المباحثات، حيث شدد الرئيسان على التزام البلدين بما ورد في البيان الثلاثي المشترك الصادر عن القمة التي جمعت قادة مصر وإريتريا والصومال في أسمرة، أكتوبر 2024، والذي أكد ضرورة احترام المبادئ الأساسية للقانون الدولي، وفي مقدمتها سيادة واستقلال ووحدة أراضي الصومال وكافة دول المنطقة.

كما تم التأكيد على أهمية تنسيق الجهود المشتركة لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وتعزيز قدرات مؤسسات الدولة الصومالية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، بحسب البيان المصري.

الملف الثالث تمثل في ضمان أمن البحر الأحمر، حيث شهد اللقاء التأكيد على أهمية تعزيز التعاون وعدم التأثير على الملاحة في هذا المجرى الملاحي الحيوي، في الوقت الذي أكد السيسي ضرورة تكثيف التنسيق بين مصر وإريتريا، وكذلك مع الدول العربية والأفريقية المشاطئة، بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الهامة.

وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين لا سيما الاقتصادية والاستثمارية، كان الملف الرابع خلال اللقاء، تأكيدا لما تم الاتفاق عليه خلال الزيارة التي قام بها الرئيس السيسي إلى العاصمة الإريترية في أكتوبر من العام الماضي.

دلالة اللقاء

يقول نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، السفير صلاح حليمة إن القمة المصرية الإريترية أعادت التأكيد على الموقف المصري الثابت تجاه السودان، والقائم على دعم وحدة أراضيه وسلامته الإقليمية، ورفض أي محاولات لتقسيمه.

وأضاف حليمة في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أن الرؤية المصرية، التي تتقاطع مع جهود الآلية الرباعية،  تدعو إلى هدنة إنسانية عاجلة تمتد لـ3 أشهر تعقبها فترة انتقالية تمتد لـ9 أشهر، يتم خلالها تثبيت وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات، وتهيئة مسار حوار سياسي شامل يملكه السودانيون أنفسهم، دون أي تدخل خارجي.

وتابع أن “المباحثات تناولت التوتر المتصاعد بين أديس أبابا وأسمرة، في ضوء سعي إثيوبيا للحصول على منفذ بحري عبر إريتريا أو أرض الصومال، وهو ما ترفضه الدول المطلة على البحر الأحمر والمجتمع الدولي باعتباره مخالفا للقانون الدولي الذي يشترط موافقة الأطراف المعنية”.

التوتر بين إثيوبيا وإريتريا

وجاء اللقاء في ظل تصاعد التوتر بين إثيوبيا وإريتريا، في ظل مساعي أديس أبابا للوصول إلى البحر الأحمر واستعادة منفذها الذي فقدته قبل عقود منذ استقلال إريتريا.

وسبق أن أكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قبل يومين، على حتمية حصول بلاده على منفذ عصب البحري الإريتري، معتبرا أن قضية وصول بلاده إلى البحر الأحمر “قانونية وتاريخية وجغرافية واقتصادية يجب التعامل معها بهدوء”.

وأشار حليمة إلى أن “هذا التوجه يثير قدرا من عدم الاستقرار والتوتر فيما يتعلق بمنطقة البحر الأحمر، خاصة أن إثيوبيا ما زالت تسعى للوصول إلى ميناء على أرض الصومال وهذا أمر مرفوض من جانب الصومال ومن جانب الدول المطلة على شاطئ البحر الأحمر وخاصة الصومال وإريتريا ومصر، وبالتالي فالقاهرة وأسمرة تتشاركان رؤية واضحة في رفض أي خطوات تهدد استقرار المنطقة أو تفرض أمرًا واقعًا خارج الأطر القانونية”.

كما لفت إلى أن “الخلافات الإثنية داخل إثيوبيا، ولا سيما في إقليم تيغراي والمناطق الحدودية مع إريتريا، تمثل عاملا إضافيا للتوتر بين البلدين، ما يعزز الحاجة إلى تنسيق مصري–إريتري لمتابعة تطورات المشهد الإثيوبي وتأثيراته على الأمن الإقليمي في القرن الإفريقي”.

تحركات استراتيجية

وبدورها، اعتبرت مديرة البرنامج الإفريقي في مركز الأهرام أماني الطويل، زيارة الرئيس الإريتري بأنها “تمثل تحركا ذا أهمية إستراتيجية عالية، بالنظر إلى تطورات الأوضاع الأمنية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وتفاقم الأزمة السودانية”.

وقالت الطويل في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية” إن “العلاقات بين القاهرة وأسمرة تشهد مستوى غير مسبوق من التنسيق، توج بإعلان تفاهم ثلاثي مصري–إريتري–صومالي، يعكس إدراك الدول الثلاث لحساسية المرحلة وضرورة العمل المشترك لضبط توازنات القرن الإفريقي”.

وأوضحت الطويل أن “القمة الأخيرة ترتبط مباشرة بملفات محورية، على رأسها التهديدات الإثيوبية لإريتريا وسعي أديس أبابا للوصول إلى منفذ على البحر الأحمر عبر ميناء مصوع، والتنسيق في الملف السوداني بما يضمن وحدة الدولة الوطنية، وتأمين الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر”.

وأكدت أن “هذه الملفات تشكل معا جوهر الأمن الإقليمي في القرن الإفريقي، وتمس المصالح المصرية والإريترية بشكل مباشر، سواء من زاوية الأمن البحري أو من زاوية استقرار السودان الذي يُعدّ عنصرًا حاسمًا في معادلة توازن القوى شرق القارة”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version