الجمعة _15 _أغسطس _2025AH

المشروع الذي أعلنه وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، يهدف إلى بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في محيط القدس الشرقية، بما يؤدي إلى فصلها عن الضفة الغربية وقطع التواصل الجغرافي بين مدينتي رام الله وبيت لحم، وهو ما يعني دفن أي أفق لحل الدولتين.

سموتريتش، الذي أكد أن قيام دولة فلسطينية يمثل “تهديدا وجوديا” لإسرائيل، شدد على ضرورة ضمان بقاء القدس “عاصمة أبدية” لدولته، معتبرا الضفة الغربية “جزء لا يتجزأ” من إسرائيل.

ووفق تصريحه، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدعم خطة توسيع المستوطنات في الضفة.

ردود الفعل الفلسطينية والعربية

القيادة الفلسطينية وصفت إعلان سموتريتش عن خطة لبناء 3400 وحدة استيطانية جديدة بأنه “تصعيد خطير”، وحمّلت واشنطن المسؤولية عن عدم وقف الإجراءات الإسرائيلية.

من جانبها، رأت حركة حماس أن الخطة تهدف لقطع التواصل الجغرافي وعزل القدس عن محيطها الفلسطيني، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والتحرك الفوري لوقف المشروع.

الأردن أدان التصريحات الإسرائيلية، واعتبرها انتهاكا صارخا للقانون الدولي واعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني.

أما الخارجية المصرية فأكدت أن الخطة تعكس إصرار تل أبيب على التوسع في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وخرقا واضحا لقرارات مجلس الأمن.

الموقف الأميركي

وصل الاستنكار إلى واشنطن، حيث اعتبرت الخارجية الأميركية أن استقرار الضفة الغربية ضروري للحفاظ على أمن إسرائيل، ويتماشى مع أهداف إدارة الرئيس دونالد ترامب في تحقيق السلام بالمنطقة.

لكن يبقى السؤال: هل ستسمح واشنطن للقرارات اليمينية الإسرائيلية بنسف خطة ترامب التي تعهّد بها قبل دخوله البيت الأبيض؟

المشروع بين الواقع والدعاية الانتخابية

قدّم الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية نائل الزعبي، خلال حديثه إلى برنامج “التاسعة” على “سكاي نيوز عربية”، قراءة مختلفة لطبيعة المشروع، معتبرا أن ما طرحه سموتريتش لا يعدو كونه تصريحا سياسيا بعيدا عن التنفيذ الفعلي.

وقال الزعبي: “بين التصريح والتطبيق طريق طويلة جدا. سموتريتش رجل سياسة، يمثل حزبا ورأيا سياسيا معروفا، وتصريحاته لا تعني اتخاذ قرار. الآن لا توجد كنيست عاملة في إسرائيل حتى أكتوبر، وأي خطة تحتاج إلى موافقة الحكومة ووزير الأمن، مرورا بسلسلة طويلة من اللجان”.

وأكد أن الوضع الانتخابي الضعيف لسموتريتش، وفق استطلاعات الرأي، يجعل فرص تمرير المشروع شبه معدومة في المدى القريب.
ويرى الزعبي أن هذا النوع من التصريحات يهدف إلى استقطاب الناخبين، وليس بالضرورة أن يترجم على أرض الواقع.

وأضاف: “لا يوجد في إسرائيل اليوم من يتحدث عن الدولة الفلسطينية، لا في أقصى اليسار ولا في أقصى اليمين. هذه التصريحات شعارات سياسية تعيش على تعبئة الشارع، وليست سياسات قابلة للتطبيق الفوري”.

وأشار إلى أنه حتى لو تم بناء هذه الوحدات، فإن التجارب السابقة أثبتت أن إسرائيل قادرة على الانسحاب من مناطق استيطانية في إطار اتفاقيات سلام، مستشهدا بانسحابها من غزة في عهد أرييل شارون، ومن سيناء في إطار معاهدة السلام مع مصر.

البعد التاريخي والسياسي

الزعبي ذكّر بأن السلام مع مصر يُعتبر “سلاما مقدسا” في إسرائيل، وأن الدولة العبرية لا تسعى لاحتلال أراضٍ عربية إضافية.

وأوضح أن مؤسسات الدولة الإسرائيلية لديها سياسات ثابتة لا تتغير بتغير الحكومات، وأن تل أبيب لا ترغب في احتلال غزة أو البقاء فيها.

كما لفت إلى أن فشل محاولات السلام السابقة لم يكن بسبب إسرائيل فقط، مشيرا إلى أن حركة حماس كانت، في نظره، سببا رئيسيا في إفشال تقارب تسعينيات القرن الماضي عبر عمليات وتفجيرات غيّرت الرأي العام الإسرائيلي وأدت إلى اغتيال رئيس الوزراء إسحق رابين.

يبقى “مخطط إي 1” رهين حسابات السياسة الإسرائيلية الداخلية، وتوازنات القوى في الحكومة، وضغط المجتمع الدولي.

بالنسبة للفلسطينيين، هو تهديد وجودي لمشروع دولتهم، بينما يراه بعض المحللين ورقة انتخابية أكثر منه خطة استراتيجية وشيكة التنفيذ.

ما إذا كان هذا المشروع سيبقى حبرا على ورق أم يتحول إلى واقع، سيعتمد على المشهد السياسي الإسرائيلي بعد الانتخابات المقبلة، وعلى قدرة الأطراف الدولية على كبح جماح الاندفاع الاستيطاني.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version