إسطنبول- تلعب المرأة دورًا كبيرًا كناخبة ومرشحة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأحد المقبل في تركيا، حيث تمثل النساء قرابة نصف أصوات الناخبين وتشغل قضايا المرأة جزءًا مهمًّا من الحملات الانتخابية للأحزاب والتحالفات السياسية.
وينتقد كل متنافس بالانتخابات تصور الآخر للنساء ودورهن في الحياة الاجتماعية والسياسية والطرق المثلى لحماية حقوقهن وتمكينهن.
ومن المفارقات وجود مرشحة محجبة على قوائم حزب الشعب الجمهوري (المعارض) في إسطنبول، الأمر الذي كان ضربًا من المستحيل في الماضي.
وخلال 20 عاما من حكم حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، تغير وضع المحجبات بشكل كبير، فبينما كانت تُمنع المحجبات من الحياة العامة ومن حقوقهن في التعليم العالي والعمل الحكومي، أصبحن الآن وزيرات وسفيرات وعضوات في البرلمان.
انتصار للمرأة
“الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعطي دائمًا أهمية للمرأة ويدعم حضورها في الحياة العامة والسياسة”، هكذا أكدت القيادية بحزب العدالة والتنمية أليف باشجوزى، ردًّا على انتقادات أحزاب المعارضة بتقصير النظام الحاكم في تمكين المرأة في الحياة الاجتماعية والسياسية.
وأضافت باشجوزى -نائبة رئيسة الفرع النسائي لحزب العدالة والتنمية بإسطنبول ومسؤولة العلاقات الخارجية- أن “سياسات الرئيس أردوغان المتعلقة بالمرأة كانت واضحة منذ اليوم الأول، وتهدف إلى دعم حضورها ونشاطها في الحياة العامة والسياسية وتولي المناصب المختلفة، بغض النظر عن توجهاتها”.
وفي حديثها للجزيرة نت، شددت باشجوزى أن أحد أهم المبادئ التي يؤمن بها الرئيس أردوغان أن المرأة متساوية مع الرجل وأنها جزء لا يتجزأ من الحياة الديمقراطية.
وأكدت أن الإنجازات التي حققها الحزب تتمثل في فتح المجال العام للمرأة وزيادة مشاركتها في الحياة السياسية ورفع حظر الحجاب وارتفاع نسب تعليم الإناث وتشغيلهن وزيادة المساعدات الاجتماعية، بالإضافة لزيادة إجراءات حماية المرأة من العنف وتوفير خدمات رعاية للمسنات وذوات الاحتياجات الخاصة.
وأوضحت أن معدل مشاركة الإناث في القوى العاملة ارتفع من 20% في عام 2002 إلى 34% في عام 2021، مضيفة أن النساء يمثلن 40.30% من موظفي القطاع العام.
وذكرت القيادية بالعدالة والتنمية أن نسبة الإناث اللاتي يعرفن القراءة والكتابة ارتفعت من 79% إلى 95% خلال الفترة نفسها.
انتقادات ورفض
في المقابل، اتهمت النائبة البرلمانية عن حزب الشعب الجمهوري (المعارض) أمينة جوليزار إيميجان، حزب العدالة والتنمية والأحزاب السياسية المتحالفة معه بعدم الإيمان بمبدأ حرية المرأة ومساواتها مع الرجل.
واعتبرت إيميجان، في حديثها للجزيرة نت، أن أحزاب تحالف الجمهور (الحاكم) ترى أن “المرأة لا بد أن تمكث في منزلها لتربية أولادها تحت مسمى الحفاظ على مبدأ وحدة الأسرة”.
وأضافت أنه على المستويين الاقتصادي أو الاجتماعي، فقدت المرأة التركية الكثير من حقوقها، وخاصة في مسألة التوظيف والعمل، حيث بلغت نسبة عموم النساء التركيات اللاتي يعانين من البطالة 13.8% مقابل 8.1% فقط للرجال، خلال مارس/آذار الماضي، وذلك نتيجة للسياسات الاجتماعية للسلطة، التي تحاول إبقاء النساء في منازلهن عن طريق منحهن مساعدات وإعانات.
ولفتت البرلمانية المعارضة أنه على مدى 20عامًا تلقت فئات معينة من النساء، وبشكل خاص المحافظات، دعمًا أكبر من حزب العدالة والتنمية على حساب الأخريات، الأمر الذي نفته القيادية بالحزب باشجوزى، مشيرة إلى أن المرأة يُنظر إليها كمواطنة بغض النظر عما ترتديه وأنه تم فتح المجال العام لها دون تمييز.
الانسحاب من اتفاقية إسطنبول
في 20 مارس/آذار 2021، أعلن الرئيس التركي رجب أردوغان انسحاب بلاده مما يعرف بـ”اتفاقية إسطنبول” وهي “اتفاقية المجلس الأوروبي المعنية بوقف العنف ضد المرأة والعنف الأسري ومكافحتهما”.
وأثار ذلك الانسحاب جدلًا واسعًا في المجتمع، بين مؤيد للقرار يرى أنه تم التلاعب بالاتفاقية من قبل شريحة تحاول تطبيع المثلية الجنسية، وآخر يراه تخاذلًا في حماية المرأة من جرائم العنف.
في هذا السياق، ترى باشجوزى أن الاتفاقية تضمنت بندين حول الهوية والميول الجنسية كانا لا يتفقان مع هوية البلاد.
وأوضحت أن حزب العدالة والتنمية اتخذ العديد من الإجراءات لمكافحة العنف ضد المرأة سواء من ناحية التشريعات القانونية أو التطبيقات، مثل تطبيق الدعم الطارئ للمرأة “كاديس” (KADES)، وتستخدمه أكثر من 3 ملايين امرأة، وقدمت أكثر من 268 ألف امرأة بلاغًا عن طريقه وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهن، بالإضافة إلى قوانين أبرزها القانون رقم 6284 بشأن حماية الأسرة ومنع العنف ضد المرأة.
في المقابل، أفادت النائبة البرلمانية إيميجان، بأن “اتفاقية إسطنبول كانت مهمة لحماية المرأة من العنف”، مشيرة إلى أن الرئيس أردوغان قرر الانسحاب منها “استجابة لضغط الأحزاب (المحافظة) المتحالف معها”، مضيفة أن المواد القانونية الحالية المتعلقة بهذه القضية غير كافية، بحسب وصفها.
الحجاب وأصوات الناخبات
قبل أيام من الانتخابات تُثار تساؤلات حول اتجاهات الناخبات من التيار المحافظ، حيث يضم تحالف الأمة المعارض 3 أحزاب من خلفية محافظة وهي حزب “السعادة” بالإضافة لحزبي “المستقبل” و”الديمقراطية والتقدم” لرئيسيهما أحمد داود أوغلو وعلي باباجان على الترتيب، اللذين انشقا عن حزب العدالة والتنمية.
وفي هذا الصدد، أفادت القيادية بالعدالة والتنمية باشجوزى بأن “نسبة الناخبات اللاتي يدعمن الرئيس أردوغان لا تُقارن بأي مرشح آخر، سواء كن محافظات أم لا”.
وأضافت: “أحدثنا ثورة بالسماح للمحجبات بدخول الحياة السياسية، واليوم نرى الحزب الذي طرد في الماضي نائباتنا البرلمانيات بسبب حجابهن يطرح اليوم محجبات على قوائمه الانتخابية”.
وأشارت باشجوزى إلى أن المحجبات لم يتمكّن من المشاركة السياسية سواء عن طريق الانتخاب أو الترشح إلا في عام 2014 بعد عام من رفع حظر الحجاب.
من جانبها، قالت البرلمانية إيميجان إن شريحة الناخبات المحافظات كنّ أقرب للعدالة والتنمية في السنوات الماضية لعدة أسباب، أبرزها مسألة رفع الأخير لحظر الحجاب، لكن الوضع تغير بسبب المشكلات الموجودة وخاصة الاقتصادية، كما أن المحافظات لسن الآن مضطرات لاختيار حزب العدالة والتنمية، لأن هناك أحزابا من نفس التيار ضمن تحالف الأمة.
وشددت على أن مسألة منع الحجاب أصبحت جزءًا من الماضي، فهو حرية اختيار للمرأة، مشيرة إلى أن حزب الشعب الجمهوري يحترم المرأة سواء كانت محجبة أم لا.
النساء داخل الأحزاب
تقول باشجوزى إن الفرع النسائي في حزب العدالة والتنمية هو الأكبر على مستوى العالم مقارنة بالفروع النسائية للأحزاب الأخرى في العالم، حيث تمثل النساء 49% من عموم أعضاء الحزب.
وأوضحت أن عدد النائبات البرلمانيات عن الحزب ارتفع من 24 في عام 2002 إلى 54 نائبة برلمانية في انتخابات 2018 بزيادة تفوق الـ100%، وهناك حوالي 58 مرشحة تتصدر قوائم الحزب للبرلمان المقبل، والرقم الإجمالي لجميع المرشحات الحاليات يفوق هذا.
بدورها، قالت البرلمانية المعارضة إيميجان إن النساء يمثلن نحو 33% من عموم أعضاء الحزب و12% من أعضاء البرلمان الحاليين و17% من مرشحي البرلمان المقبل عن حزبها.
وأضافت إيميجان: “بالطبع لا بد من تحسين الوضع الحالي ورفع هذه النسب، ونحن نعمل كعضوات بالحزب على تحقيق ذلك”.