حذر محللون أميركيون في مقال جماعي نشرته مجلة “فورين أفيرز” (Foreign Affairs)، من أن مجموعة فاغنر الروسية ستتجه لترسيخ وجودها في القارة الأفريقية مع استمرار نكساتها في أوكرانيا، ودعوا الولايات المتحدة للعمل على محاصرة الإستراتيجية الروسية في السيطرة على الموارد في القارة السمراء. وكشف المقال أن وزارة الدفاع البريطانية أكدت أن الكرملين قد يكون في مرحلة البحث عن بديل لفاغنر بأوكرانيا.
وأوضح أن مجموعة فاغنر كرّست -خلال السنوات الماضية- وجودها في عدد من الدول الأفريقية، مستغلة انسحاب القوات الفرنسية منها، وخاصة في أفريقيا الوسطى ومالي وليبيا، علما أنها أرسلت مقاتليها إلى الموزمبيق أيضا ودول أخرى تعاني من مشاكل في أمنها السياسي والاقتصادي.
وأبرز المقال أنه من المحتمل جدا أن يكون للمجموعة الروسية المسلحة أيضا دور مهم في الصراع المسلح في السودان، حيث كانت لها علاقات ثابتة مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
تحديات
وبحسب المقال، فإن فاغنر تمثل مشكلة حقيقية للولايات المتحدة ليس فقط لدعمها للمجموعات المحلية المسلحة التي تتسبب في زعزعة استقرار دول أفريقية، ولكن لأنها تعمل على ترسيخ الوجود الروسي في القارة السمراء، وتحقيق مصالحه، والترويج لخطابه السياسي المعادي للغرب.
وأوضحت فورين أفيرز أنه يجب على واشنطن التحرك لحرمان فاغنر من الوصول إلى “زبناء” جدد ممثلين في المجموعات المسلحة المنتشرة في دول أفريقيا، كما يجب عليها أيضا أن تبحث عن وسائل جديدة لمحاربة الدعاية الروسية داخل القارة السمراء.
وأشار المقال إلى أن فاغنر اقتنعت بإمكانيتها تحقيق نجاحات كبرى في أفريقيا بعد أن نجحت تجربتها في كل من ليبيا والسودان ما بين 2015 و2017، حيث انطلقت بعدها وركزت وجودها في عدد من الدول الأفريقية الأخرى في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تنسحب منها.
وشدد المقال على أن مؤسس شركة “فاغنر” يفغيني بريغوجين سيولي وجهه نحو أفريقيا إذا واجه نكسات جديدة في أوكرانيا، ليمارس “أسلوبه المفضل” في زعزعة استقرار دولها عبر التعاون مع المجموعات المسلحة، مقابل الاستفادة من الموارد الطبيعية لتلك الدول.
وبحسب المجلة الأميركية، فإن القارة السمراء تعد المكان الذي يوفر الظروف المثالية لعمل فاغنر، حيث تتعدد المشاكل السياسية داخل تلك الدول، وتنتشر المجموعات المسلحة في مناطق مختلفة.
خطة المواجهة
لذلك، فعلى الولايات المتحدة وحلفائها العمل على مواجهة تمدد فاغنر في القارة السمراء، مع ضمان عدم تقوية الأنظمة الدكتاتورية التي تفضل التعامل مع المجموعة المسلحة الروسية لعدم اهتمامها بالمعايير الديمقراطية.
وأوضح المقال أنه على الولايات المتحدة أن تبدأ بالتعبير العلني عن أهدافها في أفريقيا، إذ على الرغم من أن بعض الأهداف -مثل ردع الهجمات الإرهابية على الأراضي الأميركية والأوروبية- يجب أن تظل محورية في سياسة الولايات المتحدة في القارة السمراء، فإن واشنطن تحتاج أيضا إلى إظهار أنها جادة في الاستثمار في الحلول غير العسكرية التي يمكنها أن تحسّن حياة الناس ماديا هناك.
وهذا يعني زيادة المساعدات التنموية والإنسانية التي يمكن أن تقوي الحكومات والمجتمع المدني، وبالتالي تقلل من جاذبية وشرعية خطاب الجماعات المسلحة.
كما يجب على واشنطن أيضا أن تؤكد أن التزامها بالتعاون مع القارة السمراء سوف يستمر بغض النظر عن تغير الإدارات.