قال كاتب أميركي إن الرئيس جو بايدن يعاني من انخفاض شعبيته قبل 7 أشهر من انتخابات الرئاسة التي سيواجه فيها للمرة الثانية على التوالي خصمه وسلفه دونالد ترامب، حسبما أظهرت ذلك استطلاعات الرأي الأخيرة.
ويعتقد الكاتب ديمون لينكر في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز أن بايدن يستطيع بالكاد التعادل مع ترامب في استطلاعات رأي بين الخصمين، حيث يتخلف عن الرئيس السابق ترامب في معظم الولايات المتأرجحة التي ستقرر مصير التنافس بينهما.
ويشير معظم المدافعين عن الرئيس الحالي إلى النجاحات التي حققها في ولايته الحالية، مثل انخفاض نسبة التضخم، وتدني معدلات البطالة تدريجيا، والنمو الاقتصادي القوي، وقائمة من الإنجازات التشريعية وغيرها من الأدلة.
غير أن لينكر يرى في مقاله أن هذا يوحي بأن المشكلة تكمن، في المقام الأول، في فشل التواصل مع الناخبين، وهي الشماعة التي تعلق عليها الإدارات الأميركية دوما إخفاقاتها، وما يعنيه ذلك في فحواه أن الوسيلة لتحسين الأداء لا يتطلب أكثر من العمل على إيصال الرسالة بشكل أفضل للدلالة على مدى نجاح الرئيس.
ولعل الحكمة عادة -كما يعتقد الكاتب- تقتضي الاستماع إلى ما يقوله الناخبون، بعيدا عن مخاوفهم فيما يتعلق بعُمر الرئيس.
أرقام دالة
وفي استطلاع للرأي يقيس رضا الجمهور على المدى الطويل عن الطريقة التي تسير بها الأمور في الولايات المتحدة، أجرته مؤسسة غالوب وأصدرت أحدث تقرير عنه مؤخرا، قال 3 من كل 4 أميركيين (75%) إنهم غير راضين.
ووفقا للمقال، فإن هذه النتيجة تعكس اتجاهات واضحة طويلة المدى لدى الرأي العام، فمنذ منتصف التسعينيات حتى أواخر عام 2004، تراوح مستوى الرضا بين 39% و71%.
ولكن بعد إخفاق إدارة الرئيس جورج بوش الابن في العثور على أسلحة دمار شامل في العراق، وما أعقبه من مقاومة للاحتلال الأميركي للبلاد، بدأت تلك النسب في الانخفاض.
بل إنها وصلت، في خضم أسوأ أزمة مالية منذ الكساد العظيم، مستوى من التدني بلغ 9% في أكتوبر/تشرين الأول عام 2008.
وتلا ذلك تحسن بطيء للغاية في شعور الأميركيين بالرضا دام حوالي 12 عاما تقريبا خلال إدارتي الرئيسين باراك أوباما وترامب، حيث بلغ أعلى مستوى له منذ عام 2004 بنسبة 45% في فبراير/شباط 2020، قبيل تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19).
وبحلول يناير/كانون الثاني 2021، عاد مستوى الرضا إلى التراجع ليصل إلى 11%، أي أقل بنقطتين مئويتين من أدنى مستوياته التاريخية.
وفي عهد الرئيس الحالي بايدن، أصبح الأميركيون نوعا ما أكثر تفاؤلا ولكن لفترة وجيزة، إذ عاد مستوى الرضا إلى التراجع مرة أخرى إلى أدنى مستوياته في الشهور الأخيرة.
معالم انهيار
وتعكس تلك النتائج -بحسب مقال نيويورك تايمز- ما توصل إليه منظمو استطلاعات الرأي الآخرون عندما سألوا المشاركين عما إذا كانوا يعتقدون أن أميركا تسير في الاتجاه الصحيح أو الخطأ، وعن مدى ثقتهم في الحكومة والمؤسسات الوطنية.
وأظهرت النتائج أن الردود الإيجابية بدأت بالانخفاض ببطء من ستينيات القرن الماضي حتى وصلت في نهاية المطاف ما بين 30% إلى 34% بحلول عام 2007. وفي عام 2023، أعرب 26% فقط من الأميركيين عن ثقتهم في مؤسسات بلادهم.
ومضى لينكر في مقاله إلى ذكر أسباب تجعل شرائح من المجتمع الأميركي تميل إلى الاعتقاد أن الولايات المتحدة “تنهار” أمام أعينهم، من بينها الحرب في العراق، والأزمة المالية الطاحنة التي أعقبها عقد من النمو الهزيل اتسم باستحواذ الميسورين أصلا على معظم الثروة الجديدة، والاستجابة المتخبطة للجائحة الأكثر فتكا منذ قرن من الزمان.
ومن بين تلك الأسباب أيضا انسحاب الولايات المتحدة “المشين” من أفغانستان، وارتفاع أسعار السلع والخدمات ومعدلات الفائدة، وزيادة مستويات الدين العام والخاص بنسب كبيرة، وتصاعد معدلات التشرد في المدن الأميركية، وارتفاع معدلات العنف المسلح والأمراض العقلية والاكتئاب والإدمان والانتحار والأمراض المزمنة والسمنة، إلى جانب انخفاض متوسط أعمار الناس الافتراضية.
فشل ذريع
ووفق لينكر، فإن تلك الأسباب تمثل فشلا ذريعا على مدى الـ20 سنة الماضية، مضيفا أن القائمين على مؤسسات البلاد لم يألوا جهدا للاعتراف بإخفاقاتهم أو تحمل المسؤولية عنها، ناهيك عن إصلاح ما تهدم.
واعتبر أن ذلك كان السبب وراء ظهور ما سماها “الشعبوية الغاضبة” والمعادية لمؤسسات في السياسة الأميركية طيلة العقد الماضي الذي شهد سيطرة ترامب على الحزب الجمهوري في عام 2016، واصفا إياه بأنه “سياسي دخيل”.
وانتقد الكاتب أحاديث بايدن المتفائلة عن المؤسسات الأميركية التي يقول إنها تعمل بشكل جيد طالما أن ترامب لم يضع يده عليها، مما يجعله بعيدا عن المزاج الوطني السائد، وبمنأى عن تصريحات ترامب عن دولة أميركية منهارة.
ونصح لينكر حملة بايدن الانتخابية بالكف عن هذا التفاؤل، لا سيما فيما يتعلق بالاقتصاد، مشددا على ضرورة أن يعترف الرئيس بالأخطاء التي ارتكبها في كثير من القضايا خلال العقدين الماضيين، وأن يضع خططا للإصلاح، والشروع في وضع حد للفوضى التي اتسمت بها تلك الحقبة.
ويعتقد الكاتب أن من شأن ذلك أن يساعد في تحييد المزايا الشعبوية التي يتمتع بها ترامب.