حين نقرأ التاريخ ونتأمل الشعر، تمرّ أمامنا صور رجال صنعوا المجد في ريعان شبابهم، فكانوا أعمدة لأوطانهم ومثار فخر لأجيال بعدهم. كم تمنينا أن نعيش زمنهم ونشهد تفاصيل حياتهم. لكن المجد لم ينتهِ، فها نحن نعيش في عصر مشرق، في كنف قائد شاب، سعوديّ الهوية، عربيّ العزم، يصوغ بفكره وهمّته مجدًا جديدًا لقومه ووطنه. إنه الأمير محمد بن سلمان، الذي لم يكن امتدادًا لتاريخٍ مضى فحسب، بل بداية لعصر يُكتب بتفرد، وتُروى أيامه بفخر، ويُصنع في كنفه مجدٌ لا يقل عن أعظم ما خطّه التاريخ.
إن من واجب التاريخ أن يُوثق شهادتنا في حق هذه الشخصية الفريدة، التي خطّت مجدًا لوطنها، وأعادت رسم حضور السعودية على خريطة العالم. بفضل الله، ثم بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، وبدعم هذا القائد الشاب، أضحى اسم المملكة لامعًا في المحافل الإقليمية والدولية. نال تقدير المؤسسات والشخصيات العالمية، وامتدحه القريب والبعيد، والصديق والخصم، لما أحدثه من تحولات عميقة في ميادين السياسة، والدين، والاقتصاد، والثقافة، والمجتمع، والعلاقات الدولية. إننا نشهد مرحلة استثنائية تُكتب بحروف من فخر، وتُبنى بقيادة تحمل طموح أمة وتاريخ وطن
كنا، قبل بزوغ نجم هذا القائد الشاب، نعيش تحت وطأة القلق من تقلبات أسعار النفط، نراقب السوق بتوجس ونضع أيادينا على قلوبنا مع كل هبوط حاد. في عز أزمة كورونا، بلغ سعر النفط مستويات غير مسبوقة، حتى وصل إلى سالب 45 دولارًا، وتكدّست ناقلاته في عرض البحر، وكادت بعض الدول تستخدم النفط كسلاح للتهديد والضغط. ومع ذلك، أطلّ هذا القائد الشاب برؤية جريئة، عبر “رؤية 2030”، ليكبت خصوم المملكة ويفرح أصدقاءها، متعهّدًا بتحويل الاقتصاد من الاعتماد على النفط إلى تنوع مزدهر ومستدام. فشهدنا نهضة غير مسبوقة، فالرياض توسعت بشكل مذهل وأضحت إحدى المدن العالمية الجاذبة لرواد الأعمال، وكذلك الحال في المدن والمشاعر المقدسة وفي الشمال والجنوب.
لم يتوقف هذا القائد الشاب عند الإصلاحات الداخلية فحسب، بل أطلق آليات استراتيجية لتعزيز الاقتصاد، مثل تطوير صندوق الاستثمارات العامة PIF، واستقطاب الصناعات والشركات العالمية. جعل من السياحة رافدًا اقتصاديًا وأيقونة جذب للاستثمار والفرص، ثم واصل المسير بتطوير القطاع الرياضي، دعمًا لجودة الحياة، واهتمامًا بالرياضات الذهنية والإلكترونية. ولم يكن التأثير اقتصاديًا فقط، بل انسحب على المجتمع، حيث شهدنا نهضة في أنسنة المدن وتحسين تفاصيل الحياة اليومية. لم نعد أمام منجز واحد، بل أمام سلسلة شواهد متلاحقة، تجعلنا نلهث لمواكبة التغيير، في زمن تُصنع فيه التحولات بوتيرة لا تعرف التباطؤ.
خارجيًا، واجه الأمير محمد بن سلمان ملفات معقدة بشجاعة وحنكة، أبرزها الملف العربي بعد الربيع العربي، وأحدها الملف السوري، الذي شهد تحولات عميقة بعد سقوط نظام بشار الأسد وتولي قيادة جديدة الحكم في 8 ديسمبر 2024. سارعت السعودية إلى دعم سوريا بالرجال والمال، فأُرسلت شاحنات النفط، والقوافل الطبية، ومساعدات الخير، لتعيد الأمل لشعب أنهكته الحرب. ولم يقتصر الدعم على سوريا، بل امتد إلى دول متعددة باختلاف دياناتها وثقافاتها. وعلى صعيد المواطن السعودي، ارتفع شأنه عالميًا، وبات يحظى باهتمام ملموس أينما حلّ، بفضل الجهود الدبلوماسية الدولية الكبرى التي يقودها ولي العهد، لترسيخ صورة المملكة ومكانة مواطنيها عالميًا.
ثمة الكثير مما يمكن قوله، غير أن مثل هذه السطور لا تُقال لتستوعب كل المديح، بل لتكون شواهد خالدة، وعلامات مضيئة، تحملها الركبان عبر الزمن، فتبلغ مداها في الآفاق، وتغدو حديث القادمين من بعدنا، أولئك الذين سيتلمّسون آثار هذه الكلمات كما يتلمّس المسافر نبعًا نادرًا في مفازات التيه. نكتب اليوم عن أمير فذّ، ليس امتثالًا لعرفٍ ولا محاباة لمقام، بل شهادةً للزمان، وتوثيقًا للأجيال. نكتب ونحن في ذروة الانشغال، بين العمل والبذل، لأن المدح هنا ليس ترفًا، بل واجبٌ تاريخي يُملى على الضمائر الحية.
نحن أمام شخصية تُلهم، رجلٌ إذا وعد أوفى، وإذا نطق فعل، وإذا تقدم أحدث الفرق. المدح له لا يُسكب كزينة لغوية، بل يُسكب كما يُسكب الذهب في سبائكه الخالصة.
إننا لا نمتدح إلا من صاغ المجد لأمته صياغةً، ونحت في ذاكرة شعبه مكانةً لا تُزاح. فهؤلاء هم من تُدوَّن سيرهم في دفاتر الشرف، ويُروى ذكرهم في المجالس المضيئة، ويُقال عنهم في حضرة التاريخ: هؤلاء من رفعوا الهامة، وأطالوا الظل، وأضاءوا الدروب
إننا لا نمتدح إلا من صاغ المجد لأمته صياغةً، ونحت في ذاكرة شعبه مكانةً لا تُزاح. فهؤلاء هم من تُدوَّن سيرهم في دفاتر الشرف، ويُروى ذكرهم في المجالس المضيئة، ويُقال عنهم في حضرة التاريخ: هؤلاء من رفعوا الهامة، وأطالوا الظل، وأضاءوا الدروب
بقي أن نقول، ونحن نطوي هذه السطور بكل امتنان وفخر: كما ننتظر المزيد من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن من الوفاء أن نكون له سندًا، نعينه بالكلمة الصادقة، والفعل الداعم، والموقف المخلص. فالناس يُسرّون بالثناء حين يصيب جهدهم الفردي، فكيف برجل وهب شبابه لوطنه، وترك متاع الدنيا ليصوغ من أيامه مجدًا يُبنى، ووطناً يعلو، ومستقبلاً تُنار دروبه؟ لم يركن لراحة، ولم ينصرف لهوى، بل جعل من عمره وقودًا لمشروع وطن، فحقّ علينا أن نُشيد به، ونفتخر به، ونُسطّر له في دفاتر التاريخ مدائح تليق بعظيم فعله ونُبل رسالته.