لا يقتصر تأثير الحرارة الشديدة على الشعور بالإرهاق والجفاف فقط، بل يمتد إلى تأثيرات أعمق على صحة الإنسان، فقد كشفت دراسة علمية حديثة أن التعرض المستمر لدرجات الحرارة المرتفعة يسرّع من عملية الشيخوخة البيولوجية للجسم، ويرفع احتمالية الإصابة بمشكلات صحية خطيرة.
ووفقًا لما نشرته مجلة «تايم» الأمريكية نقلًا عن دورية Nature Climate Change، قام باحثون في تايوان بتحليل بيانات طبية لنحو 25 ألف شخص على مدى 16 عامًا، بين عامي 2008 و2022، وهي فترة شهدت 30 موجة حر متتالية.
واعتمد الفريق البحثي على قياسات طبية متعددة لتحديد العمر البيولوجي للمشاركين، شملت وظائف الكبد والرئة والكلى، إضافة إلى ضغط الدم ومؤشرات الالتهابات، ثم ربطوا هذه النتائج بدرجات الحرارة التي تعرّض لها كل شخص استنادًا إلى محل سكنه.
وأظهرت النتائج أن كل ارتفاع بمقدار 1.3 درجة مئوية في الحرارة التراكمية يُضيف ما يعادل من 8 إلى 12 يومًا من الشيخوخة البيولوجية، ما يعني تسارعًا ملحوظًا في تقدم العمر عند التعرض المتكرر للحرارة. وعلّق الباحث الرئيسي، كوي قوه، من جامعة هونغ كونغ، قائلاً: «رغم أن الرقم يبدو ضئيلاً على مستوى الفرد، إلا أن تراكمه عبر الزمن وبين أعداد كبيرة من السكان يجعله ذا آثار خطيرة على الصحة العامة».
وتزداد أهمية هذه النتائج في ظل الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة عالميًا. فقد كان عام 2024 الأشد حرارة في التاريخ، متجاوزًا الرقم القياسي لعام 2023. كما أظهرت دراسة لمركز المناخ أن 88% من المدن الأميركية الكبرى شهدت زيادة في عدد الأيام شديدة الحرارة منذ عام 1970.
وتتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن تتجاوز درجات الحرارة العالمية خلال الفترة 2025 – 2029 مستوى 1.5 درجة مئوية فوق المعدل، بنسبة احتمال تصل إلى 70%، وهو ما يجعل البحث عن حلول للتكيف مع موجات الحر والتقليل من آثارها الصحية ضرورة ملحّة في مواجهة تغير المناخ.