الأحد _31 _أغسطس _2025AH

عبر قرون مضت وإلى يومنا الحاضر، لا تزال الأوبئة العدو الأشد فتكًا بالإنسان بسبب تعدد واختلاف أسباب وجودها، وكذلك سرعة انتشارها بحيث لا يكون هناك مؤشرات مبدئية لظهورها؛ الأمر الذي يستدعي تكاتف الخبراء من جميع أقطار العالم لدراسة وتوثيق الأوبئة ودورة حياة الفايروسات وسبل مكافحتها، واليوم توصل فريق من الباحثين الدوليين إلى تحديد البكتيريا المسؤولة عن انتشار أول جائحة وبائية موثقة في التاريخ البشري، والمعروفة باسم “طاعون جستنيان”، الذي اجتاح منطقة البحر الأبيض المتوسط في القرن السادس الميلادي وأودى بحياة ملايين الأشخاص.

وبحسب دراستين حديثتين، نشرت نتائجهما في عدد من المجلات العلمية المتخصصة، فإن البكتيريا التي تسببت في الجائحة تسمى بـ “يرسينيا بيستيس”، وهي نفسها التي كانت وراء انتشار وباء “الموت الأسود” في القرن الرابع عشر.

وأظهرت الدراسة الأولى، التي أجريت على عينات من الحمض النووي لجثث عثر عليها في مقبرة جماعية بمدينة جرش شمال الأردن، دليلًا قاطعًا على وجود بكتيريا “يرسينيا بيستيس”، وهي أول مرة يكتشف فيها أثر هذه البكتيريا في قلب الإمبراطورية البيزنطية، التي كانت من أكثر المناطق تضررًا من الجائحة.

أما الدراسة الثانية، فاعتمدت على تحليل الجينوم الكامل للبكتيريا من خلال مئات العينات المأخوذة من مواقع متعددة، مما أتاح للعلماء تتبع مسار انتشارها وفهم تطورها الجيني على مدى قرون.

وذكرت جامعة جنوب فلوريدا، أن هذا الاكتشاف التاريخي، قاده فريق متعدد التخصصات من جامعتي جنوب فلوريدا وفلوريدا أتلانتيك، بالتعاون مع باحثين من الهند وأستراليا.

ويعتقد أن “طاعون جستنيان”، الذي انتشر سنة (541م)، تسبب في وفاة أكثر من (10) ملايين شخص، وأسهم في إضعاف وانهيار عدة إمبراطوريات في أوروبا والشرق الأوسط، وقد سمي بهذا الاسم نسبة إلى الإمبراطور جستنيان الأول، الذي أصيب بالمرض ونجا منه.

وتؤكد هذه النتائج العلمية أن بكتيريا “يرسينيا بيستيس” كانت المحرك الرئيسي لأولى الجوائح التي عرفها التاريخ البشري، مما يفتح المجال لفهم أعمق لتاريخ الأوبئة وانتقالها عبر الزمن.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version