في مدينة اعتادت أن تنحت الجمال من تضاريسها، تفتح حائل نوافذها هذا الخريف على ضوء يلون الصمت، وعلى معرض تشكيلي أشبه بحديقة من الحكايات، حيث تمتزج الريشة بالوجدان وتتحول الألوان إلى موسيقى تُعزف على جدران الذاكرة.
إنه «معرض مرسم الفني الثقافي»، الذي ينظمه نادي مرسم – أحد أندية البوابة الوطنية للهوايات «هاوي» – ليكون موعداً مع الإبداع الأنثوي في أنقى تجلياته، حين تتحد ثلاثون فنانة تشكيلية حملن أرواحهن على رؤوس فرشاة وأطلقنها تحكي عن الجمال والذاكرة والهوية، لتقدمن رؤى بصرية تشبه المرايا، وتعكس ملامح الإنسان السعودي في علاقته بالأرض والنور والحلم.
قصص بلغة الألوان
في أروقة المعرض، لا تُعرض اللوحات فحسب، بل تُروى القصص بلغة اللون؛ كل ضربة فرشاة هي اعتراف صغير، وكل ظل هو بوح لا يُقال بالكلمات.
تتقاطع الأساليب بين الواقعية والتجريد والانطباع، لكن ما يجمعها هو الإحساس العميق بالهوية، ذلك الشعور الذي يجعل الفن هنا امتداداً للذاكرة الوطنية قبل أن يكون فعلاً جمالياً.
إلا أن اللافت في تجربة «مرسم» أنه لا يقدّم فناً فحسب، بل يبني مجتمعاً إبداعياً ينمو من رحم الشغف؛ فمنذ تأسيسه في أكتوبر 2024، تحوّل إلى فضاءٍ تحتفي فيه الموهبة بالانتماء، وتتعانق فيه التجربة الفردية مع الحلم الجماعي لتشكّل مشهداً فنياً يليق بحائل ومكانتها الثقافية.
في هذا المعرض، الألوان لا تزين اللوحات بل تؤسس لعلاقة جديدة بين الفن والحياة؛ علاقة ترى في الفن طريقة للفهم والتأمل والوجود.
هنا، لا شيء يُشبه الصدفة، فحتى الضوء يبدو كأنه اختار أن يستقر على هذه اللوحات ليقول: هنا الجمال سعودي الملامح، وإنساني الروح.
رسائل بصرية عميقة
تقول نجاح القرناس، رئيسة نادي «مرسم»، في تصريحات لصحيفة «عاجل»، إن المعرض يسعى إلى نشر ثقافه الفن بحائل، وعرض رسومات الفنانات التشكيليات بحائل، وفتح المجال أمام الجمهور لاكتشاف تجارب فنية متنوعة تحمل رسائل بصرية عميقة تعكس ثراء المشهد الثقافي والفني في المملكة.
وبينما يسعى «مرسم»، إلى صقل المواهب الشابة عبر بيئة تسمح للتجربة أن تنمو وللإبداع أن يُرى، بات النادي – الذي تأسس في أكتوبر 2024 –يضم أكثر من 80 عضوة يشكلن فسيفساء من الأساليب والمدارس الفنية، وبينت بأن المعارض يقام خلال يومي الأربعاء والخميس الموافق 8-9 أكتوبر الجاري، بمقر جمعية أدبي حائل، بحسب القرناس
فيما استحضرت سلمى العفنان بداياتها الطفولية في الرسم؛ بإنجذابها إلى الصور والأشكال والرسومات منذ الصغر، مشيرة إلى أنها صقلت موهبتها عبر الممارسة والتدريب.
توثيق الوجوه بالزيت
وأوضحت العفنان، في تصريحات لصحيفة «عاجل»، أنها اتجهت إلى الرسم بالرصاص كبداية، مشيرة إلى أنها انتهجت أسلوب المدرسة الواقعية؛ إذ وجدت في الواقعية والبورتريه مساحة لتوثيق الوجوه بالزيت.
فيما استحضرت سلمى العفنان بداياتها الطفولية في الرسم؛ بإنجذابها إلى الصور والأشكال والرسومات منذ الصغر، مشيرة إلى أنها صقلت موهبتها عبر الممارسة والتدريب.
وأوضحت العفنان، في تصريحات لصحيفة «عاجل»، أنها اتجهت إلى الرسم بالرصاص كبداية، مشيرة إلى أنها انتهجت أسلوب المدرسة الواقعية؛ إذ وجدت في الواقعية والبورتريه مساحة لتوثيق الوجوه بالزيت.
وتحكي الهنوف السلوم عن ولادتها الفنية في أثناء جائحة كورونا، لتتحول موهبتها إلى رسالة وانتماء بصري عبر مشاركاتها المتتالية.
وتقول السلوم في تصريحات لصحيفة «عاجل»، إنها اكتشفت موهبة الرسم لديها عام 2020، بالتزامن مع جائحة كورونا، لتتخذ من العزلة التي فرضتها الجائحة فرصة لتطوير موهبتها.
اجتهاد أثمر عن كونها أصبحت «أولى المشتركات في نادي مرسم، والذي أتاح لها الكثير من الفرص بالمعارض والدورات التدريبية»، تضيف السلوم.
أما لمى الجريد، فتمسك قلم الحبر الواحد كما لو أنه آلة موسيقية، تحول به الخطوط إلى إيقاعات ضوئية، بعد أن عبرت مساحات الواقعية والزيتية باحتراف، مقدمةً دورات في تقنيات البورتريه.
وعن انطلاقتها، تقول الفنانة التشكيلية لمى الجريد، إنها رغم ممارستها الفن والرسم منذ الصغر، إلا أن بداية انطلاقتها كانت في 2019 حيث شاركت في المهرجانات والمعارض وحصلت على العديد من العضويات بالجمعيات.
الفن الواقعي
وحول ما يميز أعمالها، قالت الجريد، في تصريحات لصحيفة «عاجل»، إنها تتميز بالفن الواقعي والبورتريه، فضلاً عن عشقها للألوان الزيتية والذي تأثرت بها في السنوات الأخيرة.
وتابعت، أنها بدأت احتراف العمل فيها، بالإضافة إلى إعطائها دورات بهذا المجال، مع نادي مرسم، مشيرة إلى أنها حالياً تجيد الرسم بالقلم الحبر الواحد، مما يضيف لمسات إبداعية إلى أعمالها الفنية.
ومن خلفها، تأتي سهام الشمري لتعيد تعريف الفن كمنظومة للحواس، إذ تزاوج بين الأكريليك والزجاج والخشب، بين الاحتراق واللمعان، فتجعل من اللوحة ملمساً وصوتاً ورائحة.
وتقول الشمري، في تصريحات لصحيفة «عاجل»، إنها احترفت العل في جميع أنواع فنون الرسم، مشيرة إلى خبرتها المتميزة في الرسم الزيتي الأكريليك والفحم، بالإضافة إلى النحت على الزجاج والمرايا.
وأشارت إلى أنها تجيد -كذلك- الرسم والحرق على الخشب كلوحات المداخن، فضلاً عن الأكواب الخشبية، مما يجعل لوحاتها الفنية ذات لمسة جمالية وصوتية وبرائحة ذكية -كذلك.
لمسات يدوية ساحرة
وفي زاوية أخرى، تستوقفك أعمال نوف الشلاقي، أول من رسم على الفناجيل والفخار في حائل بلمسة يدوية لا تعرف الطباعة، تجمع بين البورتريه والطبيعة وتعيد الحياة إلى الأشياء اليومية.
وحول انطلاقتها الفعلية، تقول الفنانة التشكيلة نوف الشلاقي، في تصريحات لصحيفة «عاجل»، إنه رغم اهتمامها بالرسم منذ الصغر، إلا أنها بدأت فعلياً الرسم عام 2018، حيث اشتركت في أولى دورات جمعية الثقافة والفنون، مما أهلها لأن تشغل حالياً وظيفة مدربة في نادي مرسم، بالإضافة إلى كونها مدربة ببيت الثقافة بحائل.
أما عما يميز أعمالها، فتضيف الشلاقي، إن أعمالها تتميز بالبورتريه، لكنها تميل إلى الطبيعة أكثر، حيث اتجهت إلى الرسم على الخزف مثل الفناجيل والصحون والفخار والرسم على جلد الشنط، مؤكدة أنها كانت أول من رسم على الفناجيل في منطقة حائل يدوياً وليس طباعه.
مشاهد أقرب إلى الحلم
أما إيمان التميمي، حاملة البكالوريوس في التربية الفنية، فتغزل لوحاتها بخيوط التجريد والانطباع، تمزج الزيت بالأكريليك لتقدم مشهداً أقرب إلى الحلم، حيث لا نهاية للون ولا حدود للفكرة.
وتضيف التميمي، في تصريحات لصحيفة «عاجل»، أن رسمها يميل إلى المدرسة التجريدية في التكوين، والتأثيرية الانطباعية في التلوين، مشيرة إلى أنه غالباً ما تعمل على الدمج بين الألوان الزيتية والأكريليك في اللوحة الواحدة.
وبحسب التميمي، فإن مشاركتها في هذا المعرض تهدف إلى إيصال رسالة وفكرة للجمهور.