في أحضان الطبيعة الوادعة بمنطقة العمارية شمال غرب العاصمة الرياض، تبرز وجهة سياحية بيئية تجسد انسجام الإنسان مع الأرض، وتمزج بين التجربة الزراعية الأصيلة وروح الترفيه المعاصر، ضمن مشهد ريفي يفيض بالهدوء والتفاعل.
وتعد السياحة البيئية من الاتجاهات الحديثة في صناعة الترفيه المستدام، إذ تتلاقى فيها المعرفة مع التجربة، ويتحول العمل الزراعي إلى نشاط تفاعلي يعيد الزائر إلى جذور الأرض، ويمنحه لحظة صفاء وسط فضاء طبيعي يعج بالحياة والنكهة.
وشكلت “مزارع الفراولة” بالعمارية نموذجًا ملهمًا لاستثمار الموارد البيئية، إذ لم تعد مجرد مساحة خضراء للزراعة، بل باتت فضاءً متعددة الأبعاد، يضم أنشطة تعليمية، وجولات ميدانية، وفعاليات عائلية، تصنع ذاكرة فريدة للزوار.
وشهدت هذه المزارع نقلةً نوعيةً خلال السنوات الأخيرة، إذ تحوّلت من نمطها التقليدي إلى وجهة نابضة بالحيوية، تحتضن الزوار خلال مواسمها التفاعلية، وتتيح لهم قطف الفراولة بأناملهم، والتعرف على دورتها الزراعية من البذرة إلى الثمرة، في تجربة تُثري الحواس، وتلامس الوعي البيئي.
ويعزز الموقع الجغرافي للعمارية -بما يتوفر فيه من تربة خصبة وتضاريس معتدلة- بيئة مثالية لزراعة الفراولة، مدعومةً بتقنيات حديثة مثل الزراعة المائية، والبيوت المحمية، التي لا تقتصر على رفع كفاءة الإنتاج، بل تعكس أيضًا روح الابتكار والالتزام بالمعايير البيئية المستدامة.
وتتسع دائرة التجربة لتشمل ورش عمل حية في الزراعة العضوية، وتجارب طهو تستعرض منتجات محلية مشتقة من الفراولة، كالعصائر والمربى والحلويات، لتتحول الزيارة إلى حكاية نكهة تترسخ في ذاكرة الزائر بدفئها وخصوصيتها الريفي.
وتوفر المزارع مقاهٍ ذات طابع ريفي، ومناطق استراحة مطلة على البساتين، تتيح للزوار الاستمتاع بجمال المشهد والانغماس في تجربة استرخاء لا تشبه سواها، ليلتقي الصفاء الذهني بعبق الأرض وعبير الفراولة الطازجة.
وتجسد المزارع سياحة زراعية متكاملة، ترتكز على مفاهيم التعلم من خلال الترفيه، وتوفر بيئة جاذبة لجميع أفراد الأسرة، معتمدة على حلولًا بيئية مبتكرة لتلطيف الأجواء خلال فصل الصيف، مما يجعل الزيارة ممكنة على مدار العام، في تجربة تراعي راحة الزائر.