في واحدة من أسوأ الهزات الاقتصادية التي شهدها العالم خلال السنوات الأخيرة، خسرت الأسواق المالية العالمية تريليونات الدولارات خلال أيام قليلة فقط، وذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع الدول المصدّرة إلى الولايات المتحدة، مع زيادات إضافية تصل إلى 41% على عدد من الشركاء التجاريين الكبار مثل الصين واليابان ودول أوروبية، وهذا القرار المفاجئ تسبب في حالة من الذعر بسوق الأسهم، ونتج عنه محو أكثر من خمس تريليونات دولار من القيمة السوقية للأسهم الأمريكية خلال 48 ساعة.
تأثرت الثروات الشخصية لأغنى رجال العالم بشكل غير مسبوق؛ فقد خسر إيلون ماسك وحده ما يقارب 130 مليار دولار منذ بداية العام، لتتراجع ثروته إلى نحو 302 مليار دولار، فيما فقد جيف بيزوس 45.2 مليار دولار لتتقلص ثروته إلى 193 مليار دولار.
أما المؤشر الأوسع “S&P 500”، فقد تراجع بنسبة 5% في يوم واحد، أي ما يعادل محو ما يزيد عن تريليوني دولار من قيمة السوق.
وسط هذا الانهيار، كان هناك استثناء واحد لافت؛ المستثمر الأمريكي الشهير وارن بافيت، الذي أضاف إلى ثروته 12.7 مليار دولار منذ بداية العام. بافيت كان قد توقّع هذا السيناريو منذ سنوات، حيث اتخذ قراراً استراتيجياً بتقليص استثمارات شركته “بيركشير هاثاواي” في الأسهم، وتحديداً أسهم شركة أبل، التي خفض حصته فيها بنحو الثلثين عام 2024، مع تحويل السيولة نحو سندات قصيرة الأجل، وبالفعل، نجح في حماية شركته من تقلبات السوق، ورفع السيولة لديها إلى 334 مليار دولار، وهو مستوى قياسي لم تحققه من قبل.
ومع ذلك، لم تكن جميع رهانات بافيت رابحة على المدى القصير؛ فقد استثمر بشكل كبير في خمس شركات يابانية كبرى مثل “ميتسوبيشي” و”ميتسوي” و”إيتوتشو”، والتي تراجعت أسهمها قبل الأزمة نتيجة تباطؤ اقتصادي إقليمي، ثم هبطت أكثر بعد إعلان ترمب فرض رسوم على اليابان إلا أن بافيت لا يرى في هذا الهبوط تهديداً؛ لأنه يعتمد في هذه الاستثمارات على الرؤية طويلة الأجل والعوائد المستقرة، لا على تقلبات السوق اليومية.
أسباب الأزمة باختصار:
1. رسوم جمركية مفاجئة على 180 دولة، خلقت صدمة في الأسواق.
2. خسائر فادحة بمؤشرات الأسهم الأمريكية، وذعر بين المستثمرين.
3. تضرر سلاسل الإمداد لشركات كبرى مثل “أبل”، التي تراجعت أسهمها بنسبة 28%.
4. تقييمات سوقية مبالغ فيها قبل الأزمة، كما أشار بافيت وغيره من كبار المتخصصين.
5. احتمالات ركود عالمي إذا تطورت الأمور إلى حرب تجارية شاملة.
تحليل متوقع لمدة الأزمة:
من المتوقع أن تستمر هذه الأزمة من ستة أشهر إلى عام أو أكثر، وذلك بحسب تطورات السياسات التجارية وردود فعل الدول الأخرى. في حال وجود مفاوضات أو تراجع في الرسوم، قد نشهد تحسناً تدريجياً. أما إذا استمر التصعيد، فقد تدخل الأسواق في ركود ليس بالقصير.
هل هي فرصة للشراء؟
رغم الخسائر، يرى بعض المستثمرين أن الهبوط الحالي يمثل فرصة ذهبية للشراء، خصوصاً في شركات تمتلك أساسيات قوية ولكن تراجعت فقط بسبب الذعر العام على سبيل المثال، أسهم شركات مثل “ميكروسوفت” و”أمازون” شهدت انخفاضاً بين 10-15%، ومثلها اسهم قوية في السوق السعودية وقد تكون فرصة للدخول بسعر منخفض على المدى الطويل ومع ذلك، يُنصح بالحذر، واعتماد الشراء التدريجي وتوزيع الاستثمارات لتقليل المخاطر.