وفي السياق، شدد كل من حسان جعفر استشاري طب الأورام ، ورائد السروري استشاري جراحة أورام العظام، على أن الساركوما لا تزال تُصنّف ضمن السرطانات الصامتة التي غالبًا ما يتم اكتشافها في مراحل متأخرة بسبب قلة الوعي بها، سواء بين العامة أو حتى بعض الكوادر الطبية غير المتخصصة في بعض الأحيان.
ما هي الساركوما؟ ولماذا يُخشى منها؟
الساركوما هي مجموعة نادرة من الأورام الخبيثة التي تنشأ في الأنسجة الضامة، وتشمل العضلات، العظام، الأعصاب، الأوعية الدموية، والأنسجة الدهنية. وتنقسم إلى نوعين رئيسيين:ساركوما الأنسجة الرخوة، ساركوما العظام، وتُعد الساركوما مسؤولة عن حوالي 1% فقط من جميع أنواع السرطان في البالغين، لكنها أكثر شيوعًا بين الأطفال واليافعين.
وقال الدكتور حسان جعفر في تصريح خاص لـ “سكاي نيوز عربية”:تكمن خطورة الساركوما في صمتها فهي لا تُظهر أعراضًا واضحة في بداياتها، وغالبًا ما يُعتقد أنها مجرد كتل حميدة أو إصابات عضلية، وهذا التأخر في التشخيص يقلل فرص العلاج الجذري ويرفع من احتمال انتشار الورم.”
المؤشرات الأولى
أوضح الدكتور جعفر أن الساركوما قد تظهر على شكل كتلة غير مؤلمة تنمو تدريجيًا، وغالبًا ما تكون في الأطراف، خاصة الذراعين أو الساقين. كما قد يشعر المريض بثقل أو انزعاج عند الحركة، دون وجود ألم حاد في المراحل الأولى.
وأضاف: “أي كتلة صلبة يزيد حجمها عن 5 سنتيمترات يجب أن تُفحص بدقة، خاصة إذا كانت تنمو ببطء أو تغير شكلها. للأسف، الكثير من الحالات تُشخّص بعد أن تكون الأورام قد تغلغلت في العضلات أو حتى انتشرت إلى الرئتين.”
من جانبه، أشار الدكتور رائد السروري استشاري جراحة أورام العظام، إلى أن الساركوما تتطلب نهجًا متعدد التخصصات يشمل الطب النووي، الأشعة، الأورام، والجراحة الدقيقة، وقال:”الجراحة هي العلاج الرئيسي في أغلب أنواع الساركوما، لكن التحدي يكمن في إزالة الورم بالكامل دون التأثير على الوظائف الحيوية للمريض، خصوصًا في الأطراف.”
وأوضح السروري أن جراحة أورام العظام تطورت بشكل كبير، وأضاف:”نستخدم تقنيات متقدمة مثل الجراحة الملاحية، والطباعة ثلاثية الأبعاد لتصميم أطراف بديلة مخصصة، إلى جانب الزرع العظمي المعقد بعد الاستئصال، هدفنا ليس فقط استئصال الورم، بل الحفاظ على جودة حياة المريض.”
الساركوما في الشرق الأوسط
رغم أن الساركوما نادرة نسبيًا، إلا أن الأطباء يحذّرون من ضعف التوعية بها في العالم العربي، مما يؤدي إلى تأخر اكتشافها في كثير من الحالات.
وأكد استشاري طب الأورام حسان جعفر، أن هناك حاجة ملحة إلى حملات تثقيفية، ليس فقط للعامة، بل حتى للأطباء العامين وأطباء العظام والجلدية، التشخيص المبكر يعني فرص علاج تصل إلى 80%، بينما التأخر قد يحوّل الحالة إلى ورم يصعب احتواؤه.
في ختام حديثهما، وجّه كل من جعفر السروري رسالة موحدة خلال شهر التوعية بهذا المرض النادر، تؤكد على أن الساركوما ليست حكماً بالموت، لكن التحدي الحقيقي هو في التعرف عليها مبكرًا، وعدم إهمال أي تغيّرات غير طبيعية في الجسم، فمع الطب الحديث، والفرق المتخصصة، أصبحت نسب الشفاء واعدة لكن السباق يبدأ من الوعي.
يُخصّص شهر يوليو سنويًا عالميًا لرفع الوعي بمرض الساركوما، بشقيه: ساركوما العظام وساركوما الأنسجة الرخوة، وتهدف هذه المناسبة إلى تسليط الضوء على أعراض المرض وطرق تشخيصه، ودعم المرضى وعائلاتهم نفسيًا وطبيًا، تحفيز البحث العلمي لتطوير علاجات أكثر فاعلية.