وجاء الإعلان عبر البعثة الأثرية المصرية العاملة في موقع تل الخروبة بمنطقة الشيخ زويد في محافظة شمال سيناء المصرية، عن اكتشاف قلعة عسكرية من عصر الدولة الحديثة، تعد واحدة من أكبر وأهم القلاع المكتشفة على طريق حورس الحربي، وتقع قرب ساحل البحر المتوسط.
وأكدت وزارة الآثار المصرية في بيان نشرته عبر صفحتها على “فيسبوك”، أن هذا الكشف الأثري “إضافة جديدة تؤكد روعة التخطيط العسكري لملوك الدولة الحديثة، الذين شيدوا سلسلة من القلاع والتحصينات الدفاعية لحماية حدود مصر الشرقية وتأمين أهم الطرق الاستراتيجية التي ربطت مصر القديمة بفلسطين”.
وبحسب البيان، فإن وزير السياحة والآثار شريف فتحي، أشار إلى أن هذا الكشف “يعد تجسيدا ملموسا لعبقرية المصري القديم في بناء منظومة دفاعية متكاملة لحماية أرض مصر، ويروي فصولا جديدة من التاريخ العسكري العريق في مصر القديمة، ويعزز من مكانة سيناء كأرض تحمل شواهد حضارية فريدة على مر العصور”.
كما أوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار محمد إسماعيل، أن الكشف عن هذه القلعة الضخمة “خطوة مهمة في إعادة بناء الصورة الكاملة لشبكة التحصينات المصرية على الحدود الشرقية خلال الدولة الحديثة”، مضيفا أن “كل قلعة يجري اكتشافها تضيف لبنة جديدة لفهم التنظيم العسكري والدفاعي لمصر الفرعونية، وتؤكد أن الحضارة المصرية لم تقتصر على المعابد والمقابر فقط، بل كانت دولة مؤسسات قوية قادرة على حماية أرضها وحدودها”.
وأشار إسماعيل، وفق البيان، إلى أن أعمال الحفائر أسفرت عن الكشف عن جزء من السور الجنوبي للقلعة بطول نحو 105 أمتار وعرض 2.5 متر، يتوسطه مدخل فرعي بعرض 2.2 متر، بالإضافة إلى 11 برجا دفاعيا تم الكشف عنها حتى الآن”، موضحا أنه “تم الكشف عن البرج الشمالي الغربي وجزء من السورين الشمالي والغربي، حيث واجهت البعثة تحديات كبيرة بسبب الكثبان الرملية المتحركة التي غطت أجزاء واسعة من الموقع”.
كما قال رئيس قطاع الآثار المصرية محمد عبد البديع، إن البعثة كشفت أيضا عن سور متعرج بطول 75 مترا في الجانب الغربي من القلعة، يقسمها من الشمال إلى الجنوب ويحيط منطقة سكنية خصصت للجنود، موضحا أنه “تم العثور كذلك على أوان فخارية متنوعة، ويد إناء مختومة باسم الملك تحتمس الأول”.
ولفت إلى أنه “عثر أيضا على كميات من أحجار بركانية يرجح أنها نقلت عبر البحر من براكين جزر اليونان”، إلى جانب “فرن كبير لإعداد الخبز وبجواره كميات من العجين المتحجر، مما يؤكد أن القلعة كانت مركزا متكاملا للحياة اليومية للجنود”.
الدراسات الأولية، وفق مدير عام الإدارة العامة لآثار سيناء هشام حسين، أثبتت أن القلعة شهدت عدة مراحل من الترميم والتعديل عبر العصور، منها تعديل في تصميم المدخل الجنوبي أكثر من مرة.
وقال حسين إنه “من المتوقع العثور على الميناء العسكري الذي كان يخدم القلعة في المنطقة القريبة من الساحل”.
وأضاف أن مساحة القلعة الجديدة تبلغ نحو 8 آلاف متر مربع، أي ما يعادل 3 أضعاف مساحة القلعة التي تم اكتشافها قرب الموقع نفسه في ثمانينيات القرن الماضي، التي تقع على بعد نحو 700 متر جنوب غرب القلعة الحالية.
وتعد هذه القلعة إضافة جديدة لسلسلة من القلاع العسكرية المكتشفة على طريق حورس الحربي، ومن أبرزها تل حبوة، وتل البرج، والتل الأبيض، وجميعها تعود إلى عصر الدولة الحديثة.
وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أكد الباحث في الآثار المصرية شريف شعبان، أن هذا الاكتشاف يأتي ضمن طريق شهير تم تشييده خلال الدولة الحديثة ويسمى طريق حورس الحربي، وذكر أن هذا الطريق “شيده ملوك مصر المحاربون لتأمين تحريك الجيوش تجاه الفتوحات التي حققوها لتوسيع الإمبراطورية المصرية”.
وأضاف أن طريق حورس الحربي به مجموعة كبيرة من القلاع التي كانت تعتبر مراكز لتجمع الجنود والتدريب، ونقاط انطلاق للفيالق العسكرية لمزيد من الفتوحات، موضحا أن حدود مصر أيام الدولة الحديثة والأسرة 18 و19 وصلت لنهر الفرات وسيطرت على بلاد الشام.
واختتم شعبان حديثه بأن القلعة التي تم اكتشافها تعود إلى القرن السادس عشر قبل الميلاد، والدليل على ذلك أنه تم اكتشاف اسم تحتمس الأول محفورا على بقايا فخارية قديمة، مؤكدا أنه مع الوقت سيتم اكتشاف المزيد من القلاع على طريق حورس الحربي، وأن اكتشاف بقايا القلعة الأثرية الذي تم الإعلان عنه ما هو إلا بداية لاكتشافات كثيرة على هذا الطريق الشهير.
وفي مايو الماضي كشفت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، عن بقايا تحصينات عسكرية، ووحدات سكنية للجنود، وخندق يشير إلى إمكانية وجود قلاع عسكرية بالمنطقة، وذلك خلال حفائرها بموقع تل أبو صيفي بمنطقة أثار شمال سيناء، بحسب وزارة السياحة والآثار.