الجمعة _5 _سبتمبر _2025AH

ينطلق العمل من قلب النوبة، ليحكي قصة طفل يعاني من مرض “المهق” أو “الألبينو” وما يواجهه من تحديات قاسية أبرزها التمييز والتنمر، لكنه يخوض رحلة يصر فيها على تحقيق حلمه الفني.

الممثلة السودانية إسلام مبارك، قالت إن فيلم ضي (سيرة أهل الضي) الذي تشارك فيه، يمثل بالنسبة لها تجربة إنسانية مختلفة ومؤثرة، وواحدا من أقرب النصوص التي تعاملت معها في مشوارها الفني.

وأوضحت لسكاي نيوز عربية، أن السيناريو عرض عليها قبل اندلاع حرب السودان بقرابة سنتين أو ثلاث، ومنذ قراءته الأولى شعرت بخصوصية العمل وعمق رسالته.

إسلام مبارك، ذكرت أن اختيارها جاء بعد مشاركتها في فيلم “ستموت في العشرين”، حيث وجد فريق العمل أن شخصية (زينب) تناسبها تماما، وتعكس أبعادا إنسانية واجتماعية قريبة من أدائها.

وأكدت أن هذه المشاركة، مثلت لها انطلاقة مهمة بعد مسلسل “أشغال شقة”، إذ أعاد لها فيلم ضي شغف الاكتشاف ومنحها فرصة للتعمق في شخصية تحمل الكثير من التحديات الإنسانية.

وأشارت إلى أن شخصية (زينب) ليست مجرد دور عابر، بل حالة كاملة عاشت تفاصيلها وشعرت بها بصدق أثناء التصوير، معتبرة أن الفيلم يقترب من قضايا إنسانية عميقة ويدعو للتأمل في معنى التعايش وقبول الآخر.

وأكدت مبارك، أن التعاون مع الكاتب هيثم دبور والمخرج كريم الشناوي كان تجربة مميزة، إذ قدما رؤية فنية راقية حولت النص إلى تجربة صادقة تصل إلى الجمهور.

واختتمت تصريحها قائلة إن مشاركتها في فيلم ضي محطة مهمة في مسيرتها الفنية، لأنه عمل يتجاوز الترفيه ويترك أثرا إنسانيا حقيقيا.

التحدي الجماهيري

بدوره، قال الناقد الفني طارق الشناوي، في تصريح خاص لموقع سكاي نيوز عربية، إن فيلم “ضي” للمخرج كريم الشناوي، يمثل تجربة لافتة في السينما العربية، حيث ينطلق من النوبة ليحمل رسالة عن التعايش مع الاختلافات الشكلية والثقافية والدينية داخل المجتمع.

وأضاف الشناوي، أن الفيلم يجسد ما يعرف بـ”سينما الطريق”، إذ يرافق المشاهد رحلة بطل مصاب بمرض “المهق” من النوبة إلى القاهرة خلال 48 ساعة لتحقيق حلمه الفني، في مواجهة تحديات التنمر والخوف والرفض، مشيرا إلى أن مشاركة الفنان محمد منير، بأغنية نوبية داخل الفيلم شكلت ذروة درامية وأعطت بعدا روحيا للعمل.

وأكد أن الفيلم لا يكرر تجارب سابقة مثل “يوم الدين”، بل يقدم رؤية جديدة تمزج فيها الدراما بالموسيقى والبحث عن الهوية، لافتا إلى أن حضور أسماء مثل أسيل عمران، ومحمد ممدوح، وإسلام مبارك، وأحمد حلمي أضفى ثراء فنيا على التجربة.

ولفت الشناوي إلى أن “العمل قد يواجه تحديا جماهيريا لأنه يقدم سينما مختلفة، لكنه يمتلك مفتاحا خاصا قد يفتح له دائرة واسعة من التفاعل مع الجمهور على المدى الطويل”.

مشاركة منير

ومن جانبه، قال الناقد الفني مصطفى الكيلاني، إن فيلم “ضي (سيرة أهل الضي)” يمثل إضافة مهمة للسينما، ليس فقط لقصته الإنسانية المؤثرة، بل أيضا لتناوله قضايا مجتمعية حساسة ومشاركة فنانين كبار.

وأوضح الكيلاني، أن مشاركة محمد منير، في الفيلم تعد حدثا فنيا بارزا، خاصة بعد غياب طويل عن الساحة السينمائية.

وأضاف: “هذه العودة تضفي على الفيلم ثقلا فنيا وجماهيريا كبيرا، فمحمد منير ليس مجرد مطرب، بل هو أيقونة فنية لها قاعدة جماهيرية عريضة وتاريخ طويل من الأعمال المؤثرة، وجوده في الفيلم، سواء كان بدور رئيسي أو كضيف شرف، يضمن له اهتماما إعلاميا وجماهيريا واسعا، ويساهم في جذب شريحة أكبر من الجمهور لمشاهدة عمل يتناول قضية إنسانية هامة، كما أن مشاركته قد تكون دافعا لعودة فنانين كبار آخرين للأعمال السينمائية الهادفة.”

وأشار الكيلاني، إلى أن الفيلم يتميز بجرأته في تناول قضية مرض “الألبينو” (المهق)، وهو موضوع نادرا ما يتم تسليط الضوء عليه في الدراما العربية.

وأكد أن الفيلم لا يكتفي بعرض المرض كحالة طبية، بل يتعمق في الآثار الاجتماعية والنفسية التي يواجهها المصابون به، ممثلة في شخصية “ضي” الطفل النوبي الألبينو الذي يعاني من التمييز والتنمر.

واعتبر أن هذا التناول يساهم بشكل كبير في زيادة الوعي المجتمعي بمرض المهق والتحديات التي يواجهها المصابون به، ويدعو إلى تقبل الاختلاف والتعاطف مع هذه الفئة، كما أنه يفتح الباب لمناقشات أوسع حول أهمية الدمج الاجتماعي ودور الفن في تغيير المفاهيم الخاطئة.

وأشار الكيلاني، إلى أن الفيلم يعكس اتجاها إيجابيا نحو عودة الأفلام ذات المحتوى الإنساني والاجتماعي العميق، بعد فترة شهدت فيها السينما تركيزا على الكوميديا والأكشن.

وقال: “يبدو أن هناك رغبة متزايدة في تقديم أعمال فنية تحمل رسائل هادفة وتلامس قضايا واقعية. هذه العودة تعزز من قيمة السينما كأداة للتوعية والتأثير الاجتماعي، وتثري المحتوى الفني بإنتاجات تتجاوز مجرد الترفيه”.

وذكر أن الفيلم “مؤشر على نضج الصناعة السينمائية ورغبتها في تقديم أعمال ذات جودة فنية ومضمون قيم، مما يساهم في رفع مستوى الذوق العام وتقديم تجارب سينمائية أكثر عمقا وتأثيرا للجمهور.”

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version