غير أن تسريبات من داخل الإدارة الأميركية كشفت عن تحول مفاجئ في الاتجاه، إذ تستعد واشنطن لمنح أميركا اللاتينية دورا محوريا في هذه الاستراتيجية، على حساب التركيز السابق على المنافسة مع الصين وروسيا.
ويرى محللون أن هذا التحول يعكس اعتبارات سياسية داخلية أكثر من كونه قرارا استراتيجيا، إذ يسعى ترامب إلى توظيف السياسة الخارجية لخدمة أجندته الداخلية، خصوصا فيما يتعلق بملف الهجرة غير الشرعية وتعزيز الأمن على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وفقا لتقرير أخير منشور على صحيفة “فاينانشل تايمز”.
في هذا السياق، تبرز فنزويلا وكولومبيا كأهم ساحات المواجهة الجديدة.
فقد رصدت واشنطن في الأشهر الأخيرة تعزيزا بحريا أميركيا في منطقة الكاريبي قرب السواحل الفنزويلية، تقول الإدارة إنه مخصص لعمليات مكافحة تهريب المخدرات، فيما يرى مراقبون أنه رسالة ضغط على نظام الرئيس نيكولاس مادورو.
ترامب، من جهته، اتهم مرارا حكومة مادورو بأنها “تغذي تجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية نحو الولايات المتحدة”، بينما أعلنت كاراكاس رفع مستوى التأهب العسكري تحسبا لأي “عمل عدائي أميركي”.
أما العلاقات مع الرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بيترو فقد تدهورت بشكل حاد، بعد أن شبّه الأخير ترامب بهتلر، ليرد الرئيس الأميركي باتهامه بأنه “مهرّب مخدرات” و”يعاني من اضطرابات عقلية”، مهدداً بوقف المساعدات وفرض رسوم جمركية عقابية على بوغوتا.
وفي المقابل، لا تبدو الأجواء أكثر دفئا مع البرازيل، حيث فرض ترامب رسوما بنسبة 50 في المئة بعد سجن الرئيس السابق جايير بولسونارو، حليف ترامب المقرب، بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات.
كما قدمت واشنطن دعما ماليا ضخما بقيمة 20 مليار دولار للأرجنتين، مقابل تقليص علاقاتها الاقتصادية مع الصين التي توسع حضورها في مشاريع التعدين والبنية التحتية في أميركا الجنوبية.
ويقول مراقبون في واشنطن إن هذه الخطوات تعكس رؤية ترامب القائمة على أن “المعارك الخارجية تخدم روايته الداخلية”، مشيرين إلى أن أمن الحدود والهجرة والمخدرات باتت تشكل المحرك الأساسي للسياسة الأميركية في نصف الكرة الغربي.
