الأربعاء 18 جمادى الأولى 1446هـ

في روايته “بيروبيجان.. أوراق بنيامين”، يقدم الروائي الأردني وائل أحمد مكاحلة، صاحب روايات “المنجمة” و”حارس المقابر” و”المنسي”، عملا روائيا ينهض على سيناريو تخيل فلسطين وقد تحررت إثر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وترتكز الرواية على سيناريو متخيل يجترحه لنهاية “عملية طوفان الأقصى”، فـ”العالم” بحسب الرواية ومعه العرب -كما جاء على لسان الراوي- ينتفضون على مجازر إسرائيل في غزة، ويضعون حدا للإبادة والاحتلال.

بيروبيجان

وبيروبيجيان، عنوان الرواية، هي عاصمة أول مقاطعة قريبة من القطب المتجمد الشمالي على بعد 5 آلاف كلم من موسكو، أسسها الرئيس السوفياتي الراحل جوزيف ستالين عام 1928 لليهود قبل أن يتركها الصهاينة ويتجهون إلى فلسطين عام 1948 بدعوة من رئيس الوكالة اليهودية حاييم وايزمان.

بطل الرواية “إيزاك بن ناحوم”، وهو مهندس برمجيات من الجيل الذي تزامنت ولادته مع إحدى الحروب، يخوض مغامرات خطرة لمنع المخطط الصهيوني وإنقاذ العالم عندما يكتشف أنه فلسطيني اختطفه ضابط إسرائيلي من مستشفى الشفاء بغزة مع بداية العدوان الإسرائيلي في 2023، في إشارة واضحة إلى أطفال فلسطينيين في قطاع غزة لا يزال مصيرهم مجهولا حتى اللحظة.

لعنة الثمانين

ويعود الروائي إلى النبوءة التي تقول إن عمر دولة الكيان على أرض فلسطين لن تعمر أكثر من 80 عاما، ويتابع على لسان إحدى شخصياته “التاريخ يقول إننا لم نتمكن من الحفاظ على دولة متماسكة لأكثر من هذه الأعوام الثمانين، ربما لعنة فعلا وكأن الأمر من الخوارق التي لا تملك أمامها ما تفعله، وربما ليست خوارق بقدر ما كنا حمقى لدرجة إضاعة كل شيء من بين أيدينا بلا تعقل”.

ويتابع “ما زلنا نظلم ونسرق ونغش ونقسم البشر إلى أعراق، حتى السكان المحليون لم يسلموا من تمييزنا العنصري”.

ويضيف “جاءت الحرب الأخيرة لتكشف لنا أن قوتنا بالون أجوف.. بالون يحتاج دبوسا صغيرا كي يتحرر ما فيه، حتى أعداؤنا تفاجؤوا بأنهم كانوا مقهورين بقوة عصابة، لا بقوة نظام يفترض به أن يمتلك أبسط مقدرات الدولة: الأمن”.

من أين جئت؟

وبلغة بسيطة ودون تكلف من الكاتب، يعاني البطل “إيزاك” من شكوك داخله بأنه ليس يهوديا، ويتساءل على الدوام “من أين جئت؟ لتأتي الإجابة من زوجة أبيه”.

تقول زوجة الأب في الرواية لإيزاك “لم أكن أنا من جاء بك، جاء بك معذبي نفسه، والدك الذي تسبب ومن معه بعذابات الأمهات الثكالى والأرامل وصراخ الصغار الذين أمسوا أيتاما، البروفيسور باروخ الذي استبدل العلم ومدرجات الجامعة بمبادئ القتال أحضرك بحقيبة قذرة ممزقة وكأنها جاءت من حظيرة خنازير، في قاعها يرقد طفل وادع الملامح جميل”.

وتحضر زوجة أبيه سوارا أزرق اللون كان محفوظا في منمنمات نحاسية، وتقول “هل تقرأ العربية ليفاجأ بأن اسمه المسجل على السوار أحمد ولد فاطمة محمد المنتصر 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2023″، ليهمس بصمت “هذا ما حدثت به نفسي”.

اكتشاف الهوية

وفي حديثه للجزيرة نت، قال وائل أحمد مكاحلة إنه “بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول (2023)، تلك الأحداث التي أعادت للعربي بعضا من شموخه وعزه بعد عقود الانكسار، أصابني غضب شديد”.

ويواصل “كان الغضب يختمر في داخلي ليتحول إلى شعور بالعجز، والعجز يستحيل إلى حزن، والحزن ينقلب إلى دموع، نذرفها -وأبناء جيلي- مطأطئي الرؤوس شاعرين بأننا جئنا في الزمن الخطأ، جئنا في عصر الهزائم التي صنع أسبابها السابقون. من حكم علينا بأن نضرس نحن حصرم الآباء والأجداد؟”.

ويتابع “وجهت غضبي للشيء الوحيد الذي أُجيده أي الكتابة، إذا كتبت فلن أدعي أنني قمت بواجبي؛ فواجب الوطن والمقدسات والدم أكبر من مجرد حبر على ورق، لكنني أردت التعبير عن غضبي بالطريقة التي أحبّها”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version