الأربعاء 18 جمادى الأولى 1446هـ

وأكد الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، أن الاكتشاف الأثري يبرز أهمية المملكة في مجال الآثار على الصعيد الدولي وما تكتنزه أرضها من عمق حضاري، يعزز من جهودها في حماية التراث الثقافي والتاريخي، مشيراً إلى أهمية تبادل المعرفة والخبرات مع العالم لتعزيز الوعي بالتراث الإنساني المشترك.

وأضاف أن: “هذا الاكتشاف يؤكد التزام المملكة بالحفاظ على التراث العالمي وتعزيز التراث الثقافي وفقا لما نصت عليه رؤية السعودية 2030 مع أهمية تعزيز الشراكات الدولية لتقديم هذا الإرث الغني للأجيال القادمة وللعالم”.

وبحسب بيان للهيئة يظهر الاكتشاف، الذي تم في إطار مشروع “خيبر عبر العصور” بقيادة الدكتور غيوم شارلو والدكتورة منيرة المشوح، الانتقال من حياة الرعي المتنقلة إلى الحياة الحضرية المستقرة في المنطقة خلال النصف الثاني من الألفية الثالثة قبل الميلاد.

أهمية الاكتشاف
الاكتشاف يغير من المفاهيم السابقة بأن المجتمع الرعوي والبدوي كان النموذج الاجتماعي والاقتصادي السائد في شمال غرب الجزيرة العربية خلال العصر البرونزي المبكر والمتوسط.

وتشير الدراسة إلى أن مناطق مثل خيبر كانت مراكز حضرية مهمة تدعم استقرار مجتمعاتها بشكل دائم، وخاصةً مع ظهور الزراعة فيها، فضلاً عن كونها مراكز للتجارة والتعاملات مع المجتمعات المتنقلة. وكان لظهور هذا النمط الحضري أثر كبير على النموذج الاقتصادي الاجتماعي في المنطقة.

كما تُظهر الأدلة أنّه على الرغم من وجود عدد كبير من المجتمعات الرعوية المتنقلة في شمال غرب الجزيرة العربية في العصر البرونزي، إلاّ أن المنطقة كانت تضم عدداً من الواحات المسوّرة المتصلة مع بعضها، والمنتشرة حول المدن المحصّنة مثل تيماء.

وتقدّم القرية المكتشفة، والتي تُدعى “النطاة”، دليلاً على وجود تقسيم واضح ضمن الحصون والمدن لمناطق مخصصة للسكن وأخرى جنائزية، ويعود تاريخ القرية إلى حوالي 2400-2000 قبل الميلاد وحتى 1500-1300 قبل الميلاد، وبلغ عدد سكانها 500 شخص ضمن مساحة 2.6 هكتار، مع وجود سور حجري بطول 15 كم يحيط بواحة خيبر لحمايتها.

وتمّت الدراسة من قبل الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالتعاون مع الوكالة الفرنسية لتطوير محافظة العلا والمركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية. ويتولى قسم الآثار والحفظ والمقتنيات في الهيئة الملكية لمحافظة العلا إدارة واحد من أكبر برامج البحث الأثري في العالم، في إطار جهوده لتعزيز الوعي العالمي حول العلا بوصفها وجهةً عالميةً للتراث الثقافي.

وتقع واحة خيبر على أطراف حقل حرة خيبر البركاني، وتشكلت عند التقاء ثلاثة أودية في منطقة جافة، ووجدت قرية “النطاة” في الأطراف الشمالية للواحة تحت أكوام من صخور البازلت حيث كانت مدفونةً لآلاف السنين.

ملامح الحياة في قرية النطاة

وترسم الدراسة صورة أولية لملامح حياة سكان قرية “النطاة”، حيث كانوا يقيمون في مساكن تقليدية من عدة أدوار، وكانوا يخصصون الدور الأرضي للتخزين في الغالب، بينما كانت معيشتهم في الطابقين الأول أو الثاني، وكانت الطرقات بين المساكن ضيقة تقود إلى مركز القرية.

كما كانوا يدفنون موتاهم في مدافن ومذيلات برجية متدرجة؛ مما يشير إلى علو مكانة المدفون من خلال وضع قطعٍ ثمينةٍ في بعض المدافن، كالفخار أو الأسلحة المعدنية كالفؤوس والخناجر، وكان سكان القرية يستخدمون الخرز في ملابسهم، ويصنعون الفخار ويتاجرون به، وكانوا يعملون بالمعادن، ويزرعون الحبوب ويربون الكائنات الحية، حيث كان النظام الغذائي المحلي يعتمد بشكل كبير على الأغنام والماعز، ويظهر تعاون السكان لتعزيز أسوارهم بالحجارة الجافة والطين.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version